للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهْلِ العِلْمِ؛ فإنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَأَنْ يَأْخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلًا، فَيَأْخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللهُ بِهِ وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أُعْطِىَ أو مُنِعَ". رواهُ البُخَارِيُّ (٣٢). ورَوَى أبو عُبَيْدٍ في "الأمْوالِ" (٣٣)، عن المَشْيَخةِ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الماءِ إلَّا ما حُمِلَ منه. وعلى ذلك مَضَتِ العادَةُ في الأمْصارِ بِبَيْعِ الماءِ في الرَّوايا، والحَطَبِ، والكَلَأِ، من غيرِ نَكِيرٍ، وليس لأحدٍ أن يَشْرَبَ منه، ولا يَتَوَضَّأَ، ولا يَأْخُذَ إلَّا بإذْنِ مالِكِه. وكذلك لو وَقَفَ على بِئْرِه، أو بِئْرٍ مُباحٍ فاسْتَقَى بِدَلْوِه، أو بدُولابٍ أو نحوِه، فما يُرَقِّيهِ من الماءِ، فهو مِلْكُهُ، وله بَيْعُه؛ لأنَّه مَلَكَهُ بأَخْذِه في إنائِه. قال أحمدُ: إنَّما نُهِىَ عن بَيْعِ فَضْلِ ماءِ البِئْرِ والعُيُونِ في قَرَارِه. ويَجُوزُ بَيْعُ البِئْرِ نَفْسِها، والعينِ، ومُشْتَرِيها أحَقُّ بمَائِها. وقد رُوِىَ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ يَشْتَرِى بِئْرَ رُومَةَ (٣٤) يُوَسِّعُ بِهَا عَلَى المُسْلِمينَ وَلَهُ الجَنَّةُ"، أو كما قال. فاشْتَراها عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ، رَضِىَ اللَّه عنه، من يَهُودِيٍّ، بأَمْرِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وسَبَّلَهَا لِلْمُسْلِمِينَ، وكان اليَهُودِيّ (٣٥) يَبِيعُ ماءَها (٣٦). ورُوِىَ أنَّ عُثْمانَ اشْتَرَى منه (٣٧) نِصْفَها باثْنَىْ عشرَ ألْفًا، ثم قال اليَهُودِيُّ: اخْتَرْ، إمَّا أن تَأْخُذَهَا يَوْمًا وآخُذَها أنا (٣٨) يَوْمًا، وإمَّا أن نَنْصِبَ لك عليها دَلْوًا، وأنْصِبَ عليها دَلْوًا. فاخْتَارَ يَوْمًا ويَوْمًا، فكان الناسُ يَسْتَقُونَ منها في يومِ عُثمانَ لِلْيَوْمَيْنِ، فقال


(٣٢) في: باب كسب الرجل وعمله بيده، من كتاب البيوع، وفى: باب بيع الحطب والكلأ، من كتاب
المساقاة. صحيح البخارى ٣/ ٧٥، ١٤٩.
(٣٣) في: باب حمى الأرض ذات الكلأ والماء، من كتاب الأرضين. . .، الأموال ٣٠٢.
(٣٤) رومة: أرض بالمدينة بين الجرف وزعابة، نزلها المشركون عام الخندق، وفيها بئر رومة. معجم البلدان ٢/ ٨٧٣.
(٣٥) سقط من: الأصل.
(٣٦) أخرجه البخارى تعليقا، في: باب في الشرب ومن رأى صدقة الماء وهبته، من كتاب المساقاة. صحيح البخارى ٣/ ١٤٤. والترمذى، في: باب في مناقب عثمان. . .، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ١٥٧.
(٣٧) سقط من: الأصل.
(٣٨) في الأصل: "منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>