للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمَذْهَبَيْنِ. واحْتَجُّوا بما رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "إحْرَامُ المَرْأَةِ فى وَجْهِهَا" (٢). وأنَّه عُضْوٌ يجوزُ سَتْرُهُ بغيرِ الْمَخِيطِ، فجازَ سَتْرُه به كالرِّجْلَيْنِ. ولَنا، ما رَوى ابنُ عمرَ، عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "لا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٣). ورَوَى أيضًا أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى النِّسَاءَ فى إحْرَامِهِنَّ عن القُفَّازَيْنِ والخَلْخَالِ (٤). ولأنَّ الرجلَ لمَّا وَجَبَ عليه كَشْفُ رَأْسِهِ، تَعَلَّقَ حُكْمُ إحْرَامِه بغيرِه، فَمُنِعَ مِن لُبْسِ المَخِيطِ فى سَائِرِ بَدَنِه، كذلك المَرْأَةُ لمَّا لَزِمَها كَشْفُ وَجْهِهَا، يَنْبَغِى أن يَتَعَلَّقَ حُكْمُ الإحْرَامِ بغيرِ ذلك البعضِ، وهو اليَدَانِ. وحَدِيثُهُم المُرَادُ به الكَشْفُ. فأمَّا السَّتْرُ بغيرِ المَخِيطِ، فيجوزُ لِلرَّجُلِ، ولا يجوزُ بِالمَخِيطِ. فأمَّا الخَلْخَالُ، وما أشْبَهَهُ من الحَلْىِ، مثل السِّوَارِ والدُّمْلُوجِ (٥)، فظاهِرُ كَلَامِ الخِرَقِىِّ أنَّه لا يجوزُ لُبْسُه. وقد قال أحمدُ: المُحْرِمَةُ، والمُتَوَفَّى عنها زَوْجُها، يَتْرُكَانِ الطِّيبَ والزِّينَةَ، ولهما ما سِوَى ذلك. ورُوِىَ عن عَطاءٍ: أنَّه كان يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمَةِ الحَرِيرَ والحَلْىَ. وكَرِهَهُ الثَّوْرِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وَرُوِىَ عن قَتَادَةَ أنَّه كان لا يَرَى بَأْسًا، أن تَلْبَسَ المَرْأةُ الخاتِمَ والقُرْطَ وهى مُحْرِمَةٌ. وكَرِهَ السِّوَارَيْنِ والدُّمْلُجَيْنِ والخَلْخَالَيْنِ. وظَاهِرُ مذهبِ أحمدَ الرُّخْصَةُ فيه. وهو قولُ ابنِ عمرَ وعائشةَ وأصْحابِ الرَّأْىِ. قال أحمدُ، فى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: تَلْبَسُ المُحْرِمَةُ الحَلْىَ والمُعَصْفَرَ. وقال عن نَافِعٍ: كُنَّ (٦) نِسَاءُ ابنِ عمرَ وبَنَاتُه يَلْبَسْنَ الحَلْىَ والمُعَصْفَرَ، وهُنَّ مُحْرِمَاتٌ، لا يُنْكِرُ ذلك عبدُ اللهِ. ورَوَى أحمدُ فى


(٢) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٥١.
(٣) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٥٤.
(٤) أخرجه أبو داود، فى: باب ما يلبس المحرم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٢٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٢، ٣٢. والبيهقى، فى: باب المرأة لا تنتقب. . .، من كتاب الحجّ. السنن الكبرى ٥/ ٤٧. وليس فيه لفظ "الخلخال".
(٥) الدملوج: سوار يحيط بالعضد.
(٦) فى م: "كان". وما هنا على لغة أكلوني البراغيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>