للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غِشٌّ أو تِبْرٌ يحتاجُ إلى تَصْفِيَةٍ، لم يجبِ القطعُ حتى يبلُغَ ما فيه من الذهبِ رُبْعَ دِينَارٍ؛ لأنَّ السَّبْكَ يَنْقُصُه. وإن سَرَقَ رُبْعَ دِينارٍ قُرَاضَةً، أو تِبْرًا خالِصًا، أو حَلْيًا، ففيه القَطْعُ. نَصَّ عليه أَحْمَدُ، في روايةِ الجُوزَجَانِىِّ، قال: قلتُ له: كيفَ يسْرِقُ رُبْعَ دِينارٍ؟ فقال: قِطْعَةَ ذَهَبٍ، أو خاتَمًا، أو حَلْيًا. وهذا قولُ أكثرِ أصحابِ الشَّافِعِىِّ. وذكرَ القاضِى في وُجوبِ القطعِ احْتمالَيْن؛ أحدُهما لا قَطْعَ عليه. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعي؛ لأن الدِّينارَ اسمٌ للمَضْرُوبِ. ولَنا، أنَّ ذلك رُبْعُ دِينَارٍ؛ لأنَّه يُقالُ: دِينارٌ قُراضَةٌ، ومُكَسَّرٌ (٣١)، أو دِينارٌ (٣٢) خِلاصٌ (٣٣). ولأنَّه لا يُمْكِنُه سَرِقَةُ رُبْعِ دِينَارٍ مُفْرَدٍ في الغالِبِ إلَّا مَكْسُورًا. وقد أُوجِبَ عليه القطعُ بذلك، ولأنَّه حَقُّ اللَّه تعالى تعلَّقَ بالمَضْرُوبِ، فتعلَّقَ بما ليس بمَضْروبٍ، كالزَّكاةِ، والخلافُ فيما إذا سَرَقَ من المَكْسُورِ والتِّبرِ ما لا يساوِى رُبْعَ دِينارٍ صحيحٍ، فإن بلغَ ذلك ففيه القَطْعُ. والدِّينارُ هو المِثقَالُ من مَثاقيلِ النَّاسِ اليومَ، وهو الَّذى كُلُّ سبعةٍ منها عشرةُ دَرَاهِمَ، وهو الذي كان على عهدِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقبلَه ولم يتغَيَّرْ، وإنَّما كانتِ الدَّرَاهِمُ مُخْتلِفَةً، فَجُمِعَتْ وجُعِلَتْ كُلُّ عَشرَةٍ منها سَبْعَةَ مَثاقِيلَ، فهى التي يتعلَّق القَطْعُ بثلاثة منها، إذا كانتْ خالِصَةً، مَضْروبَةً كانتْ أو غيرَ مَضْروبَةٍ، على ما ذكرْنَاه في الذَّهَبِ. وعندَ أبى حنيفة أنَّ النِّصَابَ إنَّما يتعلَّقُ بالمَضْروبِ منها، وقد ذَكَرَ ما دَلَّ عليه، ويَحْتَمِلُ ما قالَه في الدَّرَاهِمِ؛ لأنَّ إطْلاقَها يتناولُ الصِّحَاحَ المَضْروبةَ، بخلافِ رُبْعِ الدِّينَارِ، على أنَّنا قد ذكرْنا فيها احتمالًا مُتقدِّمًا، فههُنا أوْلَى. وما قُوِّمَ من غيرِهما بهما، فلا قَطْعَ فيه حتى يَبْلُغَ ثلاثَةَ دَرَاهِمَ صِحَاحًا؛ لأنَّ إطْلاقَها ينْصَرِفُ إلى المَضْروبِ دونَ المُكَسَّرِ. الشَّرْط الثالث، أن يكونَ المسْروقُ مالًا، فإن سَرَقَ ما ليس بمالٍ، كالحُرِّ، فلا قَطْعَ فيه، صغيرًا كان أو كبيرًا. وبهذا قال الثَّوْرىُّ (٣٤)، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ (٣٥)، وأصْحَابُ الرَّأْىِ، وابنُ


(٣١) سقط من: الأصل. وفى ب: "وكسيرا".
(٣٢) في الأصل: "ودينار".
(٣٣) في م: "خالص". والخلاص: ما أخلصته النار من الذهب والفضة.
(٣٤) جاء في م مكان: "أبو ثور".
(٣٥) سقط من: م. وجاء مكانه: "والثوري".

<<  <  ج: ص:  >  >>