للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٣). ولأنَّه قَوْلُ مَن سَمَّيْنا من الصَّحابَةِ، ولم نَعْرِفْ لهم مُخالِفًا، ولأنَّه مَعْنًى يَجِبُ به القَضاءُ، فلم يَخْرُجْ به منه، كالفَواتِ، والخَبَرُ لا يُلْزِمُنَا؛ لأنَّ المُضِىَّ (٤) فيه بِأمْرِ اللهِ، وإنَّما وَجَبَ القَضاءُ؛ لأنَّه لم يَأْتِ به على الوَجْهِ الذى يَلْزَمُه بِالإحْرامِ. ونَخُصُّ مَالِكًا بأنَّها حَجَّةٌ لا يُمْكِنُهُ الخُرُوجُ منها بالإخْرَاجِ (٥)، فلا يَخْرُجُ منها إلى عُمْرَةٍ كالصَّحِيحَةِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّه لا يَحِلُّ من الفاسِدِ، بل يَجِبُ عليه أن يَفْعَلَ بعدَ الإفْسادِ كُلَّ ما يَفْعَلُه قَبْلَهُ، ولا يَسْقُطُ عنه توابعُ الوُقُوفِ، من المَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، والرَّمْى، ويَجْتَنِبُ بعدَ الفَسادِ كُلَّ ما يَجْتَنِبُه قَبْلَهُ، من الوَطْءِ ثَانِيًا، وقَتْلِ الصَّيْدِ، والطِّيبِ، واللِّبَاسِ، ونحوِه، وعليه الفِدْيَةُ فى الجِنايَةِ على الإحْرامِ [الفَاسِدِ، كالفِدْيَةِ فى الجِنايَةِ على الإحْرَامِ] (٦) الصَّحِيحِ. فأمَّا الحَجُّ من قَابِلٍ، فَيَلْزَمُه بكلِّ حَالٍ، لكنْ إن كانتِ الحَجَّةُ التى أفْسَدَها وَاجِبَةً بِأصْلِ الشَّرْعِ، أو بِالنَّذْرِ، أو قَضاءً، كانت الحَجَّةُ مِن قَابِلٍ مُجْزِئَةً؛ لأنَّ الفَاسِدَ إذا انْضَمَّ إليه القَضَاءُ، أجْزَأهُ (٧) عمَّا يُجْزِئُ عنه الأوَّلُ، لو لم يُفْسِدْهُ، وإن كانت الفاسِدَةُ تَطَوُّعًا، وَجَبَ قَضَاؤُها؛ لأنَّه بِالدُّخُولِ فى الإحْرامِ صار الحَجُّ عليه وَاجِبًا، فإذا أفْسَدَهُ، وَجَبَ قَضَاؤُه، كالمَنْذُورِ، ويكونُ القَضاءُ على الفَوْرِ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّ


= من كتاب الصلح، وفى: باب إذا اجتهد الحامل. . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البخارى ٣/ ٩١، ٢٤١، ٩/ ١٣٢. ومسلم، فى: باب نقض الأحكام. . .، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم ٣/ ١٣٤٣، ١٣٤٤. وأبو داود، فى: باب فى لزوم السنة، من كتاب السنة. سنن أبى داود ٢/ ٥٠٦. وابن ماجه، فى: باب تعظيم حديث رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. . .، المقدمة ١/ ٧. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ١٤٦، ١٨٠، ٢٥٦.
(٣) سورة البقرة ١٩٦.
(٤) فى الأصل: "المعنى".
(٥) فى الأصل: "بالإحرام".
(٦) سقط من: الأصل. نقلة نظر.
(٧) فى الأصل: "أجزأ".

<<  <  ج: ص:  >  >>