للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُكْنًا (١٠)، فما تَرَى يا أميرَ المؤمنين فى سُهْمانِها؟ فكتَبَ إليه: تِلْكَ الْبَراذِينُ، فما قارَبَ العِتاقَ منها، فاجْعَلْ له سَهْمًا واحدًا، وألْغِ ما سِوَى ذلك (١١). ولَنا، ما رَوَى سعيدٌ (١٢)، بإسْنادِه عن أبى الأقْمَرِ، قال: أغارَت الخيلُ على الشَّامِ، فأدْرَكَتِ العِرَابُ مِن يَوْمِها، وأدْرَكَت الكَوادِنُ (١٣) ضُحَى الْغَدِ، وعلى الخيلِ رجلٌ من هَمْدَان، يقالُ له: المُنْذِرُ بن أبى حُمَيْضَةَ، فقال: لا أجْعَلُ الذى أدْركَ من يومِه مثلَ الذى لم يُدْرِكْ. ففضَّلَ الخيلَ، فقال عمرُ: هَبِلَتِ الوادِعِىَّ أُمُّه، أمْضُوها على ما قال. ولم يُعْرَفْ عن الصَّحابَةِ خلافُ هذا القوْلِ. وروَى مَكْحُولٌ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الفرَسَ العَرَبِىَّ سَهْمَيْن، وأعْطَى الْهَجِينَ سَهْمًا. روَاه سعيدٌ أيضًا (١٤)، ولأنَّ نَفْعَ العَرَبِىِّ وأثرَه فى الحرْبِ أفْضَلُ، فيكونُ سهمُه أرْجَحَ، كتفاضُلِ مَنْ يُرْضَخُ له. وأمَّا قولُهم: إنَّه من الخيلِ. قُلْنا: والخيلُ فى نفسِها تتفاضَلُ، فتتفاضَلُ سُهْمانُها. وأما قَوْلُهم: إنَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قسَم للفرسِ سَهْمَيْن، من غيرِ تَفْريقٍ. قُلْنا: هذه قَضِيَّةٌ فى عَيْنٍ، لا عُمومَ لها، فيَحْتَمِلُ أنَّه لم يكُنْ فيها بِرْذَوْنٌ، وهو الظاهِرُ، فإنَّها من خيلِ العربِ، ولا بَراذِينَ فيها، ودلَّ على صِحَّةِ هذا، أنَّهم لمَّا وجَدُوا الْبَراذِينَ بالعراقِ، أشْكَلَ عليهم أمرُها، وأنَّ عمرَ فرضَ لها سَهْمًا واحدًا، وأمْضَى ما قالَ المُنْذرُ بن أبى حُمَيْضةَ فى تَفْضيلِ العِرَابِ عليها، ولو كانا النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سوَّى (١٥) بينهما، لم يَخْفَ ذلك على عمرَ، ولا خالَفَه، ولو خالَفَه لم يسْكُتِ


(١٠) فى الأصل، أ: "دكا".
(١١) وأخرج عبد الرزاق نحوه، فى: باب السهام للخيل، من كتاب الجهاد. المصنف ٥/ ١٨٧.
(١٢) فى: باب ما جاء فى تفضيل الخيل على البراذين، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٨٠.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى سهم البراذين. . .، من كتاب قسم الفىء والغنيمة، وفى: باب تفضيل الخيل، من كتاب السير. السنن الكبرى ٦/ ٣٢٨، ٩/ ٥١. وعبد الرزاق، فى: باب السهام للخيل، من كتاب الجهاد. المصنف ٥/ ١٨٣، ١٨٤.
وفى مصادر التخريج هذه: "بن أبى حمصة". والصواب ما عندنا. انظر: الإصابة ٦/ ٣١٤.
(١٣) الكوادن: البراذين.
(١٤) فى: باب ما جاء فى سهام الرجال والخيل، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٧٩.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى سهم البراذين والمقاريف والهجين، من كتاب قسم الفىء والغنيمة. السنن الكبرى ٦/ ٣٢٨. وعبد الرزاق، فى: باب السهام للخيل، من كتاب الجهاد. المصنف ٥/ ١٨٥. وابن أبى شيبة فى: باب فى البراذين مالها. . .، من كتاب الجهاد. المصنف ١٢/ ٤٠٢.
(١٥) فى أ: "ساوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>