للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هِنْدُ إلَّا مُهْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ ... سَلِيلَةُ أفْراسٍ تَجَلَّلَها بَغْلُ

فإنْ ولَدَتْ مُهْرًا كَرِيمًا فبالْحَرَى ... وإنْ يكُ إقْرافٌ فما أنْجَبَ الفَحْلُ

وأرادَ الخِرَقِىُّ بالهَجِينِ هاهُنا، ما عدا العَربىَّ، واللَّه أعلم. وقد حُكِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: الْهَجِينُ البِرْذَوْنُ. واختلَفَتِ الرِّوايَةُ عنه فى سُهْمانِها (٣)، فقال الخَلَّالُ: تواتَرَت الرِّواياتُ عن أبى عبد اللَّه فى سِهامِ البِرْذَوْنِ، أنَّه سَهْمٌ واحدٌ. واخْتارَه أبو بكرٍ، والْخِرَقِىُّ، وهو قولُ الحَسَن. قال الخَلَّالُ: وروَى عنه ثلاثةٌ مُتيقِّظون أنَّه يُسْهَمُ للبِرْذَوْنِ مثلُ سهمِ العَرَبِىِّ. واختارَهُ الخَلَّالُ، وبه قال عمرُ بن عبد العزيز، ومالِك، والشافِعِىُّ، والثَّوْرِىُّ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ} (٤). وهذه من الخَيْلِ، ولأنَّ الرُّواةَ رَوَوْا أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسْهَمَ للفرَسِ سَهْمَيْن، ولصاحِبِه سَهْمًا. وهذا عامٌّ فى كلِّ فَرَسٍ، ولأنَّه حيوانٌ ذو سَهْمٍ، فاسْتَوَى فيه العَرَبىُّ وغيرُه، كالآدَمِىّ. وحكَى أبو بكرٍ، عن أحمدَ، رحِمَه اللَّه، روايةً ثالثة، أنَّ الْبَراذِينَ إنْ أَدْرَكَتْ إدْراكَ العِرَابِ (٥)، أُسْهِمَ لها مِثلُ الفَرَسِ العرَبِىِّ، وإلَّا فلا. وهذا قولُ ابنِ أبى شَيْبَة، وابنِ أبى خَيْثَمَةَ، وأبى أيُّوبَ، والجُوزَجَانِىِّ؛ لأنَّها من الخَيْلِ، وقد عَمِلَت عَمَلَ العِرَابِ، فأُعْطِيَتْ سَهْمَها (٦) كالعَرَبِىِّ. وحكَى القاضى روايةً رابعةً، [أنَّها لا سَهْمَ] (٧) لها. وهو قولُ مالِكِ بنِ عبد اللَّه الخَثْعَمِىِّ (٨)؛ لأنَّه حيوانٌ لا يَعْمَلُ عملَ الخَيْلِ العِرَابِ، فأشْبَهَ الْبِغالَ. ويَحْتَمِلُ أنْ تكونَ هذه الرِّوايةُ فيما لا يُقارِبُ العِتاقَ منها؛ لما روَى الجُوزَجَانِىُّ، بإسْنادِه عن أبى موسى، أنَّه كتَبَ إلى عمرَ بن الخطَّاب: إنَّا (٩) وجَدْنا بالعِراقِ خَيْلًا عِرَاضًا


(٣) فى أ: "سهمانهما".
(٤) سورة النحل ٨.
(٥) فى الأصل، م: "العرب".
(٦) فى الأصل، م: "سهما".
(٧) فى م: "أنه لا يسهم".
(٨) مالك بن عبد اللَّه الخثعمى، الذى يقال له: مالك الصوائف، وهو من أهل فلسطين، كان يغزو بلاد الروم، فيغنم غنائم كثيرة. انظر الكامل ٣/ ٥١٥، ٥/ ٥٧٦.
(٩) فى ازيادة: "قد".

<<  <  ج: ص:  >  >>