للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخَرَجَتْ لعيادَةِ مريضٍ، ثم تَشاغَلَتْ بغيرِه، أو قال: إِنْ خَرَجْتِ إلى غيرِ الحمَّامِ، بغيرِ إذْنِى، فأنتِ طالِقٌ. فخَرَجَت إلى الحمَّامِ، ثم عَدَلَتْ إلى غيرِه، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يَحْنَثُ؛ لأَنَّها ما خَرَجَت لغيرِ عِيادَةِ مريضٍ، ولا إلى غيرِ الحمَّامِ. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. الثانى، يَحْنَثُ؛ لأَنَّ قَصْدَه فى الغالبِ أَنْ لا تَذْهبَ إلى غيرِ الحمَّامِ، وعيادَةِ المريضِ، وقد ذَهَبَتْ إلى غيرِهِما، ولأنَّ حُكْمَ الاسْتِدامَةِ حُكمُ الابْتداءِ، ولهذا لو حَلَفَ أَنْ لا يدخُلَ دارًا هو داخِلُها، فأقامَ فيها، حَنِثَ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وإِنْ قَصَدَت بخُروجِها الحمَّامَ وغيرَه، أو العِيادَةَ وغيرَها، حَنِثَ؛ لأَنَّها خَرَجَتْ لغَيْرِهما. وإن قال: إِنْ خَرَجْتِ لا لعيادَةِ مَرِيضٍ، فأنتِ طالِقٌ. فخَرَجَتْ لعيادَةِ مريضٍ وغيرِه، لم تَطْلُقْ (٧)؛ لأنَّ الخروجَ لعيادَةِ المريضِ، وإِنْ قَصَدَت معه غَيْرَهُ. وإِنْ قال: إِنْ خَرَجْتِ بغيرِ إذْنِى، فأنتِ طالِقٌ. ثم أَذِن لها ولم تَعْلَمْ، فخَرَجَت، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، تَطْلُقُ. وبه قال أبو حنِيفةَ، ومالِكٌ، ومحمدُ بنُ الحسنِ. والثانى، لا يَحْنَثُ. وهو قولُ الشافِعِىِّ، وأبى يوسفَ، لأَنَّها خَرَجَتْ بعدَ وُجودِ الإِذْنِ من جِهَتِه، فلم يَحْنَثْ، كما لو عَلِمَتْ به، ولأنَّه لو عَزَلَ وكيلَه انْعَزَلَ وإِنْ لم يَعْلَمْ بالعَزْلِ، فكَذلك تصيرُ مَأْذُونًا لها وإِنْ لم تَعْلَمْ. وَوَجْهُ الأَوَّلِ، أَنَّ الإِذْنَ إعْلامٌ، وكذلك قِيل فى قوله: {آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} (٨). أى أَعْلَمْتُكُم فاسْتَويْنَا (٩) فى العِلْمِ. {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١٠). أى إِعْلامٌ. {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١١). فاعْلمُوا به. واشْتِقاقُه من الأُذُنِ، يعنى أوْقَعْتُه فى أذُنِك، وأَعْلَمْتُكِ به (١٢). ومع عَدَمِ العلمِ لا يكونُ إعْلامًا، فلا يكونُ إذْنًا، ولأنَّ إذْنَ الشارِع فى أوامِرِه ونَواهِيه، لا يثْبُتُ إِلَّا بعدَ العِلْمِ بها، كذلك إذْنُ الآدَمِىِّ، وعلى هذا يُمْنَعُ وُجودُ الإِذْنِ من جِهَتِه.


(٧) فى م: "يحنث".
(٨) سورة الأنبياء ١٠٩.
(٩) فى أ، م: "فاستويا".
(١٠) سورة التوبة ٣.
(١١) سورة البقرة ٢٧٩.
(١٢) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>