للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارتْ فِراشًا بالوَطْءِ، [لَصارتْ فِراشًا] (٣٤) بإباحتِه، كالزَّوْجةِ. ولَنا، أَنَّ سَعْدًا نازَعَ عَبْدَ بن زَمْعَةَ فى ابنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فقال: هو أخى، وابنُ وَلِيدَةِ أبى، وُلِدَ على فِراشِه. فقال النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بن زَمْعَة، الوْلَدُ لِلْفِرَاش، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". مُتَّفَقٌ عليه (٣٥). ورَوَى ابنُ عمر، أَنَّ (٣٦) عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: ما بالُ رجالٍ يطأونَ ولَائِدَهم، ثم يَعْزِلُونَهُنَّ، لا تأْتينِى وليدةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُها أنَّه ألَمَّ بها، إلَّا ألحقتُ به ولدَها، فاعْزِلُوا بعدَ ذلك، أو اتْرُكُوا (٣٧). ولأنَّ الوَطْءَ يَتَعَلَّقُ بِه تحْريمُ المُصاهَرَةِ، فإذا كان مَشْرُوعًا صارتْ به المرأةُ فِراشًا، كالنِّكاحِ، ولأنَّ المرأةَ إنَّما سُميَتْ فِراشًا تَجَوُّزًا، إمَّا لمُضاجَعَتِه لها على الفِراش، وإمَّا لكَوْنِها تَحْتَه فى حالِ المُجَامَعَةِ، وكلا الأمْرِينِ يَحْصُلُ فى الجِماعِ، وقِياسُهم الوَطْءَ على الملكِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المِلْكَ لا يَتَعَلَّقُ به تَحْرِيمُ المُصاهَرَةِ، ولا يَحْصُلُ منه الوَلَدُ بِدُونِ الوَطْءِ، ويُفارِقُ النِّكاحَ، فإنَّه لا يُراد إلَّا (٣٨) للوَطْءِ، ويتعلَّقُ به تحْريمُ المُصاهرةِ، ولا يَنْعَقِدُ فى مَحَلٍّ يحْرُمُ الوَطْءُ فيه، كالمَجُوسِيَّة والوَثَنِيَّة وذَواتِ (٣٩) مَحارمِه. إذا ثَبت هذا، فإنْ أراد نَفْىَ ولدِ أَمتِه التى يَلْحَقُه ولدُها، فطَرِيقُه أن يدَّعِىَ أنَّه اسْتَبْرَأَها بعدَ وَطْئِه لها بحَيْضةٍ، فيَنْتَفِى بذلك. وإن ادَّعَى أنَّه كان يَعْزِل عنها، لم يَنْتَفِ عنه بذلك، لما رَوَى جابِرٌ قال: جاء رجلٌ من الأنصارِ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إنَّ لى جارِيةً، وأنا أطُوفُ عليها، وأنا أكْرَهُ أن تَحْمِلَ. فقال: "اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْتَ، فإنَّه سَيَأْتِيهَا ما قُدِّرَ لَهَا". قال: فلَبِثَ الرجلُ، ثم أتاهُ، فقال: إنَّ الجاريةَ قد حَمَلَتْ. قال: "قَدْ أخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيها مَا قُدِّرَ لَهَا". رَوَاه أبو


(٣٤) سقط من: ب.
(٣٥) تقدم تخريجه فى: ٧/ ٣١٦.
(٣٦) فى م: "عن".
(٣٧) أخرجه الإمام مالك، فى: باب القضاء فى أمهات الأولاد، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧٤٢. والبيهقى، فى: باب الولد للفراش بالوطء. . .، من كتاب اللعان. السنن الكبرى ٧/ ٤١٣. وعبد الرزاق، فى: باب الرجل يطأ سريته وينتفى من حملها، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ١٣٢.
(٣٨) سقط من: م.
(٣٩) فى م: "وذواتى".

<<  <  ج: ص:  >  >>