للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممَّا (٣٦) ينْحَفِظُ ولا يُخافُ هَلَاكُه، لم يُنْزَعْ نَصِيبُ الغَائِبِ من يَد المُدَّعَى عليه؛ لأنَّ الغَائِبَ لم يَدِّعِه هو ولا وَكِيلُه، فلم يُنْزَعْ من يَد مَنْ هو فى يَدهِ، كما لو ادَّعَى أحَدُ الشَّرِيكَيْن دَارًا مُشْتَرَكَةً بينَه وبينَ أجْنَبِىٍّ، فإنَّه يُسَلَّمُ إلى المُدَّعِى نَصِيبُه، ولا يُنْزَعُ نَصِيبُ الغَائِبِ، كذا هذا (٣٧). ولَنا، أَنَّها تَرِكةُ مَيِّتٍ، ثبتَتْ بِبَيِّنَةٍ، فوَجَبَ أَنْ يُنْزَعَ نَصِيبُ الغَائِبِ، كالْمَنْقُولِ، وكما لو كان أخُوه صَغِيرًا أو مَجْنُونًا، ولأنَّ فيما قالَه ضَرَرًا؛ لأنَّه قد يتعَذَّرُ على الغَائِبِ إقامَةُ البَيِّنَةِ، وقد يَمُوتُ الشَّاهِدَان أو يَغيبَا، أو تَزُولُ عنْهُما (٣٨) عَدَالتُهُما، ويُعْزَلُ الحَاكمُ، فيَضِيعُ حَقُّه، فوَجَبَ أَنْ يُحْفظَ بانْتِزِاعِه، كالمَنْقُولِ. ويُفَارِقُ الشَّرِيكُ الأجْنَبِىَّ إجْمالًا وتَفْصِيلًا؛ أمَّا الإِجْمَال، فإنّ المَنْقُولَ يُنتزَعُ فيه (٣٩) نَصِيبُ شَرِيكِه فى المِيرَاثِ، ولا يُنْتزَعُ نَصِيبُ شَرِيكِه الأجْنَبِىِّ، وأمَّا التَّفْصِيلُ، فإِنَّ البَيِّنَةَ ثَبَتَ بها الحقُّ للميِّتِ، بدَلِيلِ أنَّه يُقْضَى منه ديُونُه، وتُنْفَذُ منه وَصاياه، ولأنَّ الأخَ يُشاركُه فيما أخَذَه، إذا تَعَذَّرَ عليه أخْذُ البَاقِى. فأمَّا إِنْ كان دَيْنًا فى ذِمَّة إنْسانٍ، فهل يقْبِضُ الحاكمُ نَصِيبَ الغَائِبِ؟ فيه وجْهَان؛ أحدُهما، يقْبِضُه، كما يَقْبضُ العَيْنٍ. والثانى، لا يقْبضُه؛ لأنَّه إذا كان فى ذِمَّةِ مَنْ هو (٤٠) عليه، كان أحْوَطَ من أَنْ يكَونَ أمانَةً فى يَد الأمِين؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ عليه التَّلَفُ إذا قَبَضَه. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّه فى الذِّمَّةِ أَيْضًا (٤١) يَعْرِضُ للتَّلَفِ بالفلَس، والموْتِ، وعَزْلِ الحاكِمِ، وتعَذُّرِ البَيِّنَةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإِنَّنا إذا دَفْعَنا إلى الحَاضِرِ نِصْفَ الدَّارِ أو الدَّيْنِ، لم نُطَالِبْه بضَمِين؛ لأنَّنَا دفَعْناه بقَوْل الشُّهُودِ، والمطَالَبةُ بالضَّمِينِ طَعْنٌ عليهم. قال أصْحَابُنا: سَوَاءٌ كان الشَّاهِدَان من أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، أو لم يكُونَا. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا تُقبَلَ شَهادَتُهما فى نَفْى وَارِثٍ آخَرَ، حتَّى يكونا من أهْلِ الخبْرةِ الباطِنَةِ، والمعَرِفَةِ المُتَقادِمَةِ؛ لأنَّ مَنْ ليس من أهْلِ المعْرِفَةِ ليس جَهْلُه (٤٢) بالوَارِثِ دَليلًا على عَدَمِه، ولا يُكْتَفَى به. وهذا قوْلُ الشَّافِعِىِّ. فعلى هذا، تكونُ الدَّارُ مَوْقُوفَةً، ولا يُسَلَّمُ إلى الحاضِرِ


(٣٦) سقط من: الأصل.
(٣٧) فى ب، م: "ههنا".
(٣٨) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٣٩) سقط من: م.
(٤٠) سقط من: أ، ب.
(٤١) سقط من: أ.
(٤٢) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>