للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومُجاهِدٍ، وأهْلِ المَدِينَةِ، والحسنِ، وسَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، وعُبَيْدِ اللهِ بن عَبْدِ اللهِ ابن عُتْبَةَ. وإليه ذَهَبَ مالِكٌ، وأبو حنيفةَ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وإسحاقُ. وحُكِىَ وُجُوبُ التَّتَابُعِ عن عليٍّ، وابنِ عمرَ، والنَّخَعِيِّ، والشَّعْبِيِّ. وقال دَاوُدُ: يَجِبُ، ولا يُشْتَرَطُ؛ لما رَوَى ابنُ المُنْذِرِ، بإسْنادِه عن أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ، فَلْيَسْرُدْهُ، وَلا يَقْطَعْهُ" (١). ولَنا، إطْلَاقُ قَوْلِ اللَّه تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} (٢). غيرَ مُقَيَّدٍ بالتَّتابُعِ. فإن قِيلَ: قد رُوِىَ عن عائشةَ، أنَّها قالتْ: نَزَلَتْ "فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ" فَسَقَطَتْ "مُتَتَابِعَاتٍ" (٣). قُلْنا: هذا لم يَثْبُتْ عِنْدَنَا صِحَّتُه، ولو صَحَّ فقد سَقَطَتِ اللَّفْظَةُ المُحْتَجُّ بها. وأيضا قولُ الصَّحابَةِ، قال ابنُ عُمَرَ: إن سافرَ؛ فإن شاءَ فَرَّقَ، وإن شاءَ تابَعَ. وَرُوِىَ مَرْفُوعًا إلى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٤). وقال أبو عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاحِ، في قَضاءِ رمضانَ: إنَّ اللَّه لم يُرَخِّصْ لَكُم في فِطْرِه، وهو يُرِيدُ أن يَشُقَّ عَلَيْكُمْ في قَضَائه. ورَوَى الأَثْرَمُ، بإسْنَادِه عن محمدِ بن المُنْكَدِرِ، أنَّه قال: بَلَغَنِى أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عن تَقْطِيعِ قَضاءِ رمضانَ؟ فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُم دَيْنٌ، فَقَضَاهُ مِنَ الدِّرْهَمِ والدِّرْهَمَيْنِ، حَتَّى يَقضِىَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، هَلْ كَانَ ذلِكَ قَاضِيًا دَيْنَه؟ " قالوا: نعم، يا رسولَ اللهِ. قال: "فَاللهُ أحَقُّ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْكُمْ" (٥). ولأنَّه صومٌ لا يَتَعَلَّقُ بزَمانٍ (٦) بِعَيْنِه. فلم يَجِبْ فيه التَّتابُعُ، كالنَّذْرِ المُطْلَقِ، وخَبَرُهم لم يَثْبُتْ صِحَّتُه، فإنَّ أهْلَ السُّنَنِ لم


(١) أخرجه الدارقطني، في: باب القبلة للصائم. من كتاب الصيام. سنن الدارقطني ٢/ ١٩١، ١٩٢. والبيهقي، في: باب قضاء شهر رمضان. . .، من كتاب الصيام. السنن الكبرى ٤/ ٢٥٩.
(٢) سورة البقرة ١٨٥.
(٣) أخرجه الدارقطني، في الباب السابق. سنن الدارقطني ٢/ ١٩٢. وانظر: تفسير القرطبي ٢/ ٢٨١.
(٤) أخرجه الدارقطني، في: الباب السابق. سنن الدارقطني ٢/ ١٩٣.
(٥) أخرجه الدارقطني، في: الباب السابق. سنن الدارقطني ٢/ ١٩٤. والبيهقي، في: باب قضاء شهر رمضان. من كتاب الصيام. السنن الكبرى ٤/ ٢٥٩.
(٦) في ب، م: "بزمام" تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>