للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، كالزِّنَى والسَّرِقةِ. وعن أحمدَ روايةٌ أُخْرَى، لا حَدَّ عليه فى الثانى؛ لأنَّه حُدَّ لصاحِبِه مَرَّةً، فلا يُعادُ عليه الحَدُّ (٣٢)، كما لو قَذَفه بالزِّنَى الأوَّلِ. وعلى هذه الرواية يُعَزَّرُ تَعْزِيرَ السَّبِّ والشَّتْمِ. وهذه الرِّوايةُ الثانية فيما إذا تقارَبَ القَذْفُ الثانى من الحَدِّ، فأمَّا إذا تباعَدَ زمانُهما، وجَبَ الحَدُّ بكلِّ حالٍ؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يكونَ حَدُّه مَرَّةً من أجْلِه يُوجِبُ (٣٣) إطلاقَ عِرْضِه له. ومَذْهَبُ الشافعىِّ فى هذا كمَذهَبِنا، إلَّا أنَّهم حَكَوْا عن الشافعىِّ، فيما إذا أعادَ القَذْفَ بزِنًى ثانٍ قبلَ إقامةِ الحَدِّ، قَوْلَيْنِ؛ أحدهما، يجبُ حَدٌّ واحدٌ. والثانى، يجبُ حَدّانِ. فأمَّا إن (٣٤) قَذَفَ أجْنَبِيَّةً، ثم تزَوَّجها، ثم قَذَفها، فعليه الحَدُّ للقَذْفِ الأوَّلِ، ولا شىءَ عليه للثانى. فى قول أبى بكرٍ. وحُكِىَ نحوُ ذلك عن الزُّهْرِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّه لو قَذَفَ أجْنَبِيَّةً قَذْفَيْنِ، لم يَجِبْ عليه أكثرُ من حَدٍّ واحدٍ. واختار القاضى أنَّه إن قَذَفَها بالزِّنَى الأوَّل، لم يكُنْ عليه أكثرُ من حَدٍّ واحدٍ (٣٥)، وليس له إسْقاطُه إلَّا بالبَيِّنَةِ، وإن قَذَفَها بزِنًى آخَرَ، [فهو على الرّوايتَيْنِ فيما إذا قَذَفَ الأجْنَبِيَّةَ، ثم حُدَّ لها، ثم قَذَفَها بزِنًى آخرَ] (٣٦)، فإن قُلْنا: يجبُ حَدَّانِ. فطالبَتِ المرأةُ بمُوجَبِ القَذْفِ الأوَّلِ، فأقامَ به بَيِّنَةً، سَقَطَ عنه حَدُّه، ولم يجِبْ فى الثانى حَدٌّ؛ لأنَّها غيرُ مُحْصَنةٍ، وأن لم يُقِمْ به (٣٧) بَيِّنةً، حُدَّ لها. ومتى طالَبَتْه بمُوجَبِ الثانى، فأقام به بَيِّنَةً، أو لَاعَنَها، سَقَطَ، وإلَّا وَجَبَ عليه الحَدُّ به (٣٧) أيضًا؛ لأنَّ هذا القَذْفَ مُوجَبُه غيرُ مُوجَبِ الأوَّلِ، فإنَّ الأوَّلَ مُوجَبُه الحَدُّ على الخُصُوصِ، والثانى مُوجَبُه اللِّعانُ أو الحَدُّ (٣٨). وإن بَدَأتْ بالمُطالبةِ بمُوجَبِ الثانى، فأقامَ بَيِّنَةً به، أو لاعَنَ، سَقَطَ حَدُّه، ولها المُطالبةُ بمُوجَبِ الأوَّل، فإن أقَام به بَيِّنَةً، وإلَّا حُدَّ. قال


(٣٢) سقط من: ب، م.
(٣٣) فى أ، ب، م: "فوجب".
(٣٤) فى م: "إلى" خطأ.
(٣٥) سقط من: ب.
(٣٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(٣٧) سقط من: م.
(٣٨) فى أ، ب، م: "والحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>