للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضى: إن أقام بالثانى بَيِّنَةً، سَقَطَ مُوجَبُ الأوَّلِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّها صارتْ غيرَ مُحْصَنةٍ، فلا يَثْبُتُ لها حَدُّ المُحْصَناتِ. ولَنا، أن سُقُوطَ إحْصانِها فى الثانى، لا يُوجِبُ سُقُوطَه فيما قبلَ ذلك، كما لو اسْتَوْفَى حَدَّه قبلَ إقامةِ البَيِّنةِ. ولعل هذا يَنْبَنِى (٣٩) على ما إذا قَذَفَ رَجُلًا فلم يُقِمِ الحَدَّ على القاذِفِ حتى زَنَى المَقْذُوفُ. وإن لم يُقِمْ بَيِّنَةً عليهما، ولم يَلْتَعِنْ للثانى، لم يجبْ إلَّا حَدٌّ واحدٌّ. نص عليه أحمدُ؛ لأنهما (٤٠) حَدَّانِ من جِنْسَيْنِ تَرَادَفا، لم (٤١) يُقَمْ أحدُهما، فتداخَلا، كما لو قَذَفَها وهى أجْنَبِيَّةٌ قَذْفَيْنِ. ولو قَذَفَ زَوْجَتَه، فحُدَّ لها، ثم أعادَ قَذْفَها بذلك الزِّنَى، لم يُحَدَّ لها؛ لما ذكرْنا فى إعادةِ قَذْفِ الأجْنَبِىِّ، لكن (٤٢) يُعَزّرُ للأَذَى (٤٣) والسَّبِّ، وليس له إسْقاطُ التَّعْزِيرِ باللِّعانِ؛ لأنَّه تَعْزِيرُ سَبٍّ، لا تعزيرُ قَذْفٍ، إلَّا على الرِّوايةِ التى تُلْزِمُ الأجْنَبِىَّ [حَدٌّ ثانيًا] (٤٤) بإعادةِ القَذْفِ، فإنَّه يَلْزَمُه ههُنا حَدٌّ، وله إسْقاطُه باللَّعانِ. وإن وُلِدَ له ولدٌ بعد حَدِّه، فذَكَرَ أنَّه من ذلك الزِّنَى، فله اللَّعانُ لإسْقاطِه، على (٤٥) كِلْتا الرِّوايتَيْنِ؛ لأنَّه مُحْتاجٌ إلى نَفْيِه. وإن قَذَفَها فى الزَّوْجِيَّةِ قَذْفَيْنِ بزِناءَيْنِ، فليس عليه إلا حَدٌّ واحدٌ، ويَكْفِيه لِعانٌ واحدٌ؛ لأنَّه يَمِينٌ، فإذا كان الحَقَّانِ [لواحدٍ، كَفَتْه] (٤٦) يَمِينٌ واحدةٌ، لكنَّه يحْتاجُ أن يقولَ: أشْهَدُ باللَّهِ إنِّى [لمن الصَّادِقينَ] (٤٧) فيما رَمَيْتُها به من الزِّناءَيْنِ. وفارَقَ ما إذا قَذَفَ زَوْجَتَيْنِ (٤٨)، حيث لا يَكْفِيه لِعانٌ واحدٌ؛ لأنَّ اليَمِينَ وجَبَتْ لكلِّ واحدٍ


(٣٩) فى أ: "مبنى".
(٤٠) فى ب، م: "ولأنهما".
(٤١) فى م: "فلم".
(٤٢) فى أ: "لكنه".
(٤٣) فى ب: "للأخرى".
(٤٤) فى الأصل، أ: "حدثان". وفى ب، م: "حدان".
(٤٥) فى الأصل، م: "عن".
(٤٦) سقط من: ب.
(٤٧) فى أ: "لصادق".
(٤٨) فى الأصل: "زوجه من".

<<  <  ج: ص:  >  >>