للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَ يطلُبُها، وإنْ جاءَ غيرُه، لم يُرَدَّ إليه شىءٌ. ولَنا، أنَّه من غَيْرِ أهلِ دارِ الإسلامِ، خَرَجَ إلينا، فلم يَجبْ (٤٨) رَدُّه، ولا رَدُّ شيْءٍ بدلًا عنه، كالحُرِّ من الرجالِ، وكالعَبْدِ إذا خَرَجَ ثمَّ أسْلَمَ. وقولُهم: إنَّهم (٤٩) فى أَمانٍ مِنَّا. قُلْنا: إنَّما أمَّنَّاهم (٥٠) ممَّنْ هو فى دارِ الإِسلامِ، الذين هم فى قَبْضَةِ الإِمامِ، فأما مَن (٥١) هو فى دارِهم، ومَنْ ليس فى قَبْضَتِه، فلا يُمْنَعُ منه، بدليلِ ما لو خَرَجَ العبدُ قبلَ إسْلامِه، ولهذا لمَّا قَتَلَ أبو بَصِيرٍ الرجُلَ الذى جاءَ لِردِّه، لم يُنْكِرْهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولم يُضَمِّنْه (٥٢)، ولما انْفَردَ هو وأَبُو جَنْدَلٍ وأصحابُهما عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى صُلْحِ الحُدَيْبيَةِ، فقَطَعُوا الطَّرِيقَ عليهم، وقَتَلُوا [من قَتَلُوا] (٥٣) منهم، وأخذُوا المالَ، لم يُنْكِرْ ذلك النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولم يأْمُرْهم بَردِّ ما أخَذُوه، ولا غَرامَةِ ما أَتْلَفُوه (٥٢). وهذا الذى أسْلَمَ كان فى دارِهم وقَبْضَتِهم، وقَهرهم على نفسِه، فصارَ حُرًّا، كما لو أسْلَم بعدَ خُروجِه. وأمَّا المرأةُ، فلا يجِبُ رَدُّ مَهْرِها؛ لأنَّها لم تَأْخُذْ منهم (٥٤) شيئًا، ولو أخَذَتْه كانتْ قد قَهَرَتْهُم عليه فى دارِ القَهْرِ، ولو وجَبَ عليها عِوَضُه، لَوجَبَ مَهْرُ المِثْلِ دُونَ المُسَمَّى. والآيةُ، قال قَتادَةُ: تُبِيحُ رَدَّ المَهْرِ. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِيُّ: لا يُعْمَلُ بها اليومَ (٥٥). وعلى أنَّ الآيةَ إنَّما نَزَلَت فى قَضِيَّةِ الحُدَيْبِيَةِ، حينَ كان النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَرَطَ لهم رَدَّ مَن جاءَه مُسْلِمًا، فلما مَنَع اللهُ رَدَّ النِّساءِ، أمَرَ برَدِّ مُهورِهِنَّ (٥٦)، وكلامُنا فيما إذا وَقَعَ الصُّلْحُ مُطْلَقًا، فليس هو فى مَعْنَى ما تَناوَلَه الأَمْرُ. وإنْ وَقَعَ الكلامُ فيما إذا شَرَطَ رَدَّ النِّساءِ، لم يَصِحَّ أيضًا؛ لأنَّ الشَّرْطَ الذى كان النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَرَطَه، كان صحيحًا، وقد نُسِخَ، فإذا


(٤٨) فى أ: "يجز".
(٤٩) فى الأصل، م: "إنَّه".
(٥٠) فى أ: "أمانهم".
(٥١) سقط من: م.
(٥٢) أخرجه البخارى، فى: باب الشروط فى الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب. . .، من كتاب الشروط. صحيح البخارى ٣/ ٢٥٧، ٢٥٨. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٣٣١.
(٥٣) سقط من: أ.
(٥٤) فى م: "منه".
(٥٥) فى ب: "لليوم".
(٥٦) انظر: ما أخرجه البخارى، فى: باب غزوة الحديبية، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٥/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>