للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَيْعُ. فأمَّا شَرْطُهُ (١٣) رَهْنَ المَبِيعِ بِعَيْنِه على ثَمَنِه، فلا يَصِحُّ؛ لِوُجُوهٍ، منها أنَّه غيرُ مَمْلُوكٍ له. ومنها أنَّ البَيْعَ يَقْتَضِى إيفَاءَ الثَّمَنِ من غير المَبِيعِ والرَّهْنُ يَقْتَضِى الوَفَاءَ منه. ومنها أن البَيْعَ يَقْتَضِى تَسْلِيمَ المَبِيعِ أَوَّلًا، ورَهْنُ المَبِيعِ يَقْتَضِى أن لا يُسَلِّمَه حتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. ومنها أنَّ البَيْعَ يَقْتَضِى أن يكونَ إمْسَاكُ المَبِيعِ مَضْمُونًا، والرَّهْنُ يَقْتَضِى أن لا يكونَ مَضْمُونًا، وهذا يُوجِبُ تَنَاقُضَ أحْكَامِهِما. وظَاهِرُ الرِّوَايَةِ صِحَّةُ رَهْنِه. وقولُهم: إنَّه غيرُ مَمْلُوكٍ. لَنا (١٤)، إنَّما شَرَطَ رَهْنَه بعد مِلْكِه (١٥). وقولُهم إنَّ (١٦) البَيْعَ يَقْتَضِى إيفَاءَ الثَّمَنِ من غيرِ المَبِيعِ. غيرُ صَحِيحٍ، إنَّما يَقْتَضِى وَفَاءَ الثمنِ مُطْلَقًا، ولو تَعَذَّرَ وَفَاءُ الثَّمَنِ من غيرِ المَبِيعِ لَاسْتَوْفَى من ثَمَنِه. وقولُهم: البَيْعُ يَقْتَضِى تَسْلِيمَ المَبِيعِ قَبْلَ (١٧) تَسْلِيمِ الثمَنِ. مَمْنُوعٌ. وإن سُلِّمَ فلا يَمْتَنِعُ أن يُثْبِتَ بالشَّرْطِ خِلَافَه. كما أنَّ مُقْتَضَى البَيْعِ حُلُولُ الثَّمَنِ وَوُجُوبُ تَسْلِيمِه فى الحالِ، ولو شَرَطَ التَّأْجِيلَ جَازَ، وكذلك مُقْتَضَى البَيْعِ ثُبُوتُ المِلْكِ فى المَبِيعِ، والتَّمْكِينُ من التَّصَرُّفِ فيه، ويَنْتَفِى بِشَرْطِ الخِيَارِ، وهذا هو الجَوَابُ عن (١٨) الوَجْهِ الثالثِ والرَّابعِ. فأمَّا إن لم يَشْتَرِطْ ذلك فى البَيْعِ، لكنْ رَهَنَهُ عندَه بعدَ البَيْعِ، فإن كان بعدَ لُزُومِ البَيْعِ، فالأوْلَى صِحَّتُه؛ لأنَّه يَصِحُّ رَهْنُه عندَ غيرِه، فصَحَّ عندَه كغيرِه، ولأنَّه يَصِحُّ رَهْنُه على غيرِ ثَمَنِه، فصَحَّ رَهْنُه على ثَمَنِه. وإن كان قبلَ لُزُومِ البَيْعِ، انْبَنَى على جَوَازِ التَّصَرُّفِ فى المَبِيعِ، ففى كلِّ مَوْضِعٍ جازَ التَّصَرُّفُ فيه جازَ رَهْنُه، وما لا فلا؛ لأنَّه نَوْعُ تَصَرُّفٍ، فأشْبَه بَيْعَه.


(١٣) فى أ، م: "شرط".
(١٤) فى أ، م: "قال".
(١٥) فى م: "هلكته" تحريف.
(١٦) سقط من: أ، م.
(١٧) فى الأصل: "قبله". وفى م: "قبيل".
(١٨) فى أ، م: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>