للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ فى هذه المواضِعٍ بحالٍ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّه إِنْ مَلَكَها بعدَ ذلك، صارَتْ أُمَّ ولدٍ. وقد ذَكَرْنا (٦) الخِلاف فى ذلك، فى المسألةِ التى قبلَ هذه. والمقْصودُ بذكْرِ هذه الشُّروطِ ههُنا، ثُبوتُ الحُكْمِ عندَ اجْتِماعِها، وأمَّا انْتِفاؤُه عندَ انْتِفائِها، فيُذْكَرُ فى مسائِلَ مُفْرَدَةٍ لها. الشرطُ الثالِثُ، أَنْ تَضَعَ ما يَتَبَيَّنُ فيه شىءٌ من خَلْق الإِنْسانِ؛ من رَأْس، أو يَدٍ، أو رِجْلٍ، أو تَخْطيطٍ، سَواءٌ وضَعَتْه حَيًّا أو مَيِّتًا، وسَواءٌ أَسْقَطَتْه، أو كان تامًّا. قال عمرُ بنُ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إذا وَلَدَتِ الأَمَةُ من سَيِّدِها، فقد عَتَقَتْ وإِنْ كان سَقْطًا (٧)، وروَى الأَثْرَمُ، بإسْنادِه عن ابنِ عمرَ، أنَّه قال: أعْتَقَها ولدُها، وإِنْ كان (٨) سَقْطًا. قال الأَثْرَمُ: قلتُ لأبِى عبدِ اللَّهِ: أُمُّ الولدِ، إذا أسْقَطَتْ، لا تَعْتِقُ؟ فقال: إذا تَبَيَّنَ فيه يَدٌ، أو رِجْلٌ، أو شىءٌ من خَلْقِه، فقد عَتَقَتْ. وهذا قولُ الحسنِ، والشافِعِىِّ. وقال الشَّعْبِىُّ: إذا تَلَبَّثَ (٩) فى الخَلْقِ الرَّابِعِ، فكان مُخَلَّقًا، انْقَضت به عِدَّةُ الحُرَّةِ، واُعْتِقَتْ به الأمَةُ. ولا أعْلَمُ فى هذا خِلافًا بينَ مَنْ قال بثُبوتِ حكمِ الاسْتِيلادِ. فأمَّا إِنْ أَلْقَتْ نُطْفَةً، أو عَلَقَةً، لم يثْبُتْ به شىءٌ من أحْكامِ الولادَةِ؛ لأنَّ ذلك ليس بولدٍ. ورَوَى يُوسفُ بنُ موسى، أَنَّ أبا عبد اللَّه قيل له: ما تقولُ فى الأَمَةِ إذا أَلْقَتْ مُضْغَةً أو عَلَقَةً؟ قال: تَعْتِقُ. وهذا قولُ إبراهيمَ النَّخَعِىِّ. وإِنْ وَضَعَت مُضْغَة لم يظْهَرْ فيها شىءٌ من خَلْقِ الآدَمِىِّ، فشَهِدَ ثِقاتٌ مِن القَوابِلِ، أَنَّ فيها صُورَةً خَفِيَّةً، تعَلَّقَتْ بها الأحْكَامُ؛ لأَنَّهُنَّ اطَّلَعْنَ على الصُّورَةِ التى خَفِيَتْ على غَيْرِهِنَّ. وإِنْ لم يَشْهَدْن بذلك، لكنْ عُلِمَ أنَّه مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِىٍّ؛ إمَّا بشَهادَتِهِنَّ، أو غيرِ ذلك، ففيه رِوايَتان، إحداهُما، لا تَصِيرُ به الأمَةُ أُمَّ ولدٍ، ولا تَنْقَضِى به عِدَّةُ الحُرَّةِ، ولا يجبُ على الضَّارِبِ المُتْلِفِ له الغُرَّةُ، ولا الكفَّارَةُ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وظاهِرُ ما نَقَلَه الأَثْرَمُ عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وظاهِرُ قَوْلِ (١٠) الحسنِ، والشَّعْبِىِّ، وسائِرِ مَنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَتَبَيَّن شىءٌ فيه من (١١) خَلْقِ


(٦) فى أ، ب: "ذكر".
(٧) أخرجه البيهقى، فى: باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، من كتاب عتق أمهات الأولاد. السنن الكبرى ١٠/ ٣٤٦. وسعيد، فى: باب ما جاء فى أمهات الأولاد، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٦١.
(٨) فى م زيادة: "ولدها".
(٩) فى الأصل: "انكس".
(١٠) فى ب، م: "كلام".
(١١) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>