للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إضْرَارًا بالمُشْتَرِى، ولا يُزَالُ الضَّرَرُ بالضَّرَرِ. فإن أحْضَرَ رَهْنًا أو ضَمِينًا، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِىَ قَبُولُه؛ لأنَّ في تَأْخِيرِ الثمنِ ضَرَرًا، فلم يَلْزَمِ المُشْتَرِىَ ذلك، كما لو أرادَ تَأْخِيرَ ثمَنٍ حالٍّ. فإن بَذَلَ عِوَضًا عن الثمنِ لم يَلْزَمْه قَبُولُه؛ لأنَّها مُعَاوَضةٌ؛ ولم يُجْبَرْ عليها (٢٠). وإذا أخَذَ بالشُّفْعةِ، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِىَ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ حتى يَقْبِضَ الثمنَ، فإن كان مَوْجُودًا سَلَّمَهُ، وإن تَعَذَّرَ في الحال، فقال (٢١) أحمدُ، في رِوَايَةِ حَرْبٍ: يُنْظَرُ الشَّفِيعُ يومًا أو يَوْمَيْنِ، بِقَدْرِ ما يَرَى الحاكِمُ، وإذا كان أَكْثَرَ فلا. وهذا قولُ مالكٍ. وقال ابن شُبْرُمةَ، وأصحابُ الشَّافِعِىِّ: يُنْظَرُ ثلاثًا؛ لأنَّها آخِرُ حَدِّ القِلَّةِ، فإن أحْضَرَ الثَّمنَ، وإلَّا فَسَخَ عليه. وقال أبو حنيفةَ، وأصْحابُه: لا يَأْخُذُ بالشُّفْعةِ، ولا يَقْضِى القاضي بها حتى يُحْضِرَ الثمنَ؛ لأنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بغيرِ اخْتِيارِ المُشْتَرِى، فلا يَسْتَحِقُّ ذلك إلَّا بإحْضارِ (٢٢) عِوَضِه، كَتْسْلِيمِ المَبِيعِ. ولَنَا، أنَّه تَمَلُّكٌ لِلْمَبِيعِ (٢٣) بِعِوَضٍ، فلا يَقِفُ على إحْضارِ العِوَضِ، كالبَيْعِ، وأمَّا التَّسْلِيمُ في البَيْعِ، فالتَّسْلِيمُ في الشُّفْعةِ مثلُه، وكونُ (٢٤) الأخْذِ بغير اخْتِيارِ المُشْتَرِى يَدُلُّ على قُوَّتِه، فلا يَمْنَعُ من اعْتِبارِه في الصِّحَّةِ، فإذا أجَّلْناهُ مُدَّةً، فأحْضَرَ الثمنَ فيها، وإلَّا فَسَخ الحاكِمُ الأخْذَ ورَدَّه إلى المُشْتَرِى. وهكذا لو هَرَبَ الشَّفِيعُ بعدَ الأخْذِ. والأَوْلَى أنَّ لِلْمُشْتَرِى الفَسْخَ من غيرِ حاكِمٍ؛ لأنَّه فاتَ شَرْطُ الأخْذِ، ولأنَّه تَعَذَّرَ على البائِعِ الوُصُولُ إلى الثّمنِ، فمَلَكَ الفَسْخَ، كغيرِ مَن أُخِذَتِ الشُّفْعة منه، وكما لو أفْلَسَ الشَّفِيعُ، ولأنَّ الأخْذَ بالشُّفْعةِ لا يَقِفُ على حُكْمِ الحاكِمِ، فلا يَقِفُ فَسْخُ الأخْذِ بها على الحاكِمِ، كفَسْخِ غيرِها من البُيُوعِ، وكالرَّدِّ بالعَيْبِ، ولأنَّ وَقْفَ ذلك على الحاكِمِ يُفْضِى إلى الضَّرَرِ بالمُشْتَرِى؛ لأنَّه قد يَتَعَذَّرُ عليه إِثْباتُ ما يَدَّعِيه، وقد يَصْعُبُ عليه حُضُورُ مَجْلِسِ الحاكِمِ لِبُعْدِه، أو


(٢٠) في ب: "على قبولها".
(٢١) في ب، م: "قال".
(٢٢) في الأصل، م: "لإحضار".
(٢٣) فى الأصل: "المبيع".
(٢٤) في الأصل: "ويكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>