للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، أو يُؤْجِرَه، أو يُزَوِّجَه، أو يُسَلِّفَه، أو يَصْرِفَ له الثَّمَنَ أو غيرَه، فهذا شَرْطٌ فاسِدٌ يَفْسُدُ به البَيْعُ، سواء اشْتَرَطَه (٨) البائِعُ أو المُشْتَرِى، [وسَنَذْكُرُ ذلك] (٩) إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

الرّابع، اشتِراطُ ما يُنافى مُقْتَضَى البَيْعِ، وهو على ضَرْبَيْنِ؛ أحَدِهمَا، اشْتِراطُ ما بُنِىَ على التَّغْلِيبِ والسِّرايَةِ، مِثْلُ أنْ يَشْتَرِطَ البائِعُ على المُشْتَرِى عِتْقَ العبدِ، فهل يَصِحُّ؟ على رِوايَتَيْنِ؛ إحْداهما، يَصِحُّ. وهو مذهبُ مالِكٍ، وظاهِرُ مذهبِ الشّافِعيِّ؛ لأنّ عائِشَةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ، وشَرَطَ أهْلُها عليها عِتْقَها، ووَلاءَها، فأنْكَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَرْطَ (١٠) الوَلاءِ، دُونَ العِتْقِ (١١). والثّانيةُ، الشَّرْطُ فاسِدٌ. وهو مذهبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه شَرْطٌ يُنافى مُقْتَضَى العَقْدِ، أشْبَهَ إذا شَرَطَ أنْ لا يَبِيعَه، لأنَّه شَرَطٌ عليه إزالَةَ مِلْكِه عنه، أشْبَهَ ما لو شَرَطَ أنْ يَبِيعَه. وليس فى حَدِيثِ عائِشَةَ أنَّها شَرَطَتْ لهم العِتْقَ، وإنَّما أخْبَرَتْهُم بإرادَتِها لذلك مِن غيرِ شَرْطٍ، فاشْتَرَطُوا الوَلاءَ، فإذا حَكَمْنا بفسادِه، فحُكْمُه حُكْمُ سائِرِ الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ التى يأتِى ذِكْرُها. وإنْ حَكَمْنا بصِحَّتِه، فأعْتَقَه المُشْتَرِى، فقد وَفَى بما شُرِطَ عليه، وإنْ لم يُعْتِقْه، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، يُجْبَرُ؛ لأنَّ شَرْطَ العِتقِ إذا صَحَّ، تَعَلَّقَ بعَيْنِه، فيُجْبَرُ عليه، كما لو نَذَرَ عِتْقَه (١٢). والثّانِي، لا يُجْبَرُ؛ لأنَّ الشَّرْطَ لا يُوجِبُ فِعْلَ المَشْرُوطِ، بدَلِيلِ ما لو شَرَطَ الرَّهْنَ، والضَّمِينَ، فعلى هذا يَثْبُتُ للبائِع خِيارُ الفَسْخِ، لأنَّه لم يُسَلِّمْ له ما شَرَطَه له، أشْبَهَ ما لو شَرَطَ عليه رَهْنًا. وإنْ تَعَيَّبَ المَبِيعُ، أو كان أمَةً، فأحْبَلَها، أعْتَقَه، وأجْزَأه؛ لأنَّ الرِّقَّ باقٍ فيه.


(٨) فى الأصل: "اشترط".
(٩) فى م: "وسنذكره".
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) سيأتى تخريجه فى صفحة ٣٢٦.
(١٢) فى م: "عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>