للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن اسْتَغَلَّه، أو أخَذَ مِن كَسْبِه شَيْئًا، فهو له. وإنْ ماتَ المَبِيعُ، رَجَعَ البائِعُ على المشْتَرِى بما نَقَصَه شَرْطُ العِتْقِ، فيُقالُ: كم قِيمَتُه لو بِيعَ مُطْلَقًا؟ وكم يُساوِى إذا بِيعَ بشَرْطِ العِتْقِ؛ فيَرْجِعُ (١٣) بِقِسْطِ ذلك مِن ثَمَنِه، فى أحَدِ الوَجْهَيْنِ، وفى الآخَرِ يَضْمَنُ ما نَقَصَ مِن قِيمَتِه. الضَّرْبُ الثّانِى، أنْ يَشْتَرِطَ غيرَ العِتْقِ؛ مِثْلُ أنْ يَشْتَرِطَ أنْ لا يَبِيعَ، ولا يَهَبَ، ولا يَعْتِقَ، ولا يَطَأَ. أو يَشْتَرِطَ عليه أنْ يَبيعَه، أو يَقِفَه، أو متى نَفَقَ المَبِيعُ وإلَّا رَدَّه، أو إنْ غَصَبَه غاصِبٌ رَجَعَ عليه بالثَّمَنِ، [أو إنْ] (١٤) أعْتَقَه فالوَلاءُ له. فهذه وما أشْبَهَها شُرُوطٌ فاسِدَةٌ. وهل يَفْسُدُ بها البَيْعُ؟ على رِوايَتَيْنِ، قال القاضى: المَنْصُوصُ عن أحمدَ أنَّ البَيْعَ صَحِيحٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ هاهُنا. وهو قولُ الحَسَنِ، والشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، والحَكَمِ (١٥)، وابن أبي لَيْلَى، وأبي ثَوْرٍ. والثَّانيةُ، البَيْعُ فاسِدٌ. وهو قَوْلُ (١٦) أبي حنيفةَ، والشّافِعِيِّ؛ لأنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعٍ وشَرْطٍ (١٧). ولأنَّه شَرْطٌ فاسِدٌ، فأفْسَدَ (١٨) البَيْعَ، كما لو شَرَطَ فيه عَقْدًا آخَرَ. ولأنَّ الشَّرْطَ إذا فَسَدَ، وَجَبَ الرُّجُوعُ بما نَقَصَه الشَّرْطُ مِنَ الثَّمَنِ، وذلك مَجْهُولٌ، فيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا. ولأنَّ البائِعَ إنَّما رَضِىَ بِزَوالِ مِلْكِه عن المَبِيعِ بشَرْطِه، والمُشْتَرِى كذلك إذا كان الشَّرْطُ له، فلو صَحَّ البَيْعُ بدُونِه، لَزالَ مِلْكُه بغيرِ رِضاه، والبَيْعُ مِن شَرْطِه التَّراضِى. ولَنا، ما رَوَتْ عائِشَةُ، قالت: جاءَتْنِى بَرِيرَةُ، فقالت: كاتَبْتُ أهلى على تِسْعِ أواقٍ، فى كُلِّ عامٍ أُوقِيَّةٌ، فأعِينِينى. فقلتُ: إنْ أحَبَّ أهْلُكِ أنْ أعُدَّها لهم عَدَّةً واحِدَةً، ويَكُونَ لى وَلاؤُكِ فَعَلْتُ. فذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلى أهْلِها، فقالتْ لهم، فأبَوْا عليها، فجاءَتْ مِن عِنْدِهم، ورسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جالِسٌ، فقالتْ: إنِّى عَرَضْتُ عليهم، فأَبَوْا، إلَّا أنْ يَكُونَ الوَلاءُ


(١٣) فى الأصل بعد هذا زيادة: "بما".
(١٤) فى م: "وإن".
(١٥) سقط من: م.
(١٦) فى م: "مذهب".
(١٧) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٦٥، ١٦٦.
(١٨) فى م: "فاسد".

<<  <  ج: ص:  >  >>