للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البالِغِ يكونُ في يَدِه، ألا تَرَى أن الرَّجُلَ يَقْعُدُ في السُّوقِ ومَتَاعُه بِقُرْبِه، ويُحْكَمُ بأنَّه في يَدِه، والحَمَّالُ إذا جَلَس للاسْتِرَاحةِ، تَرَكَ حِمْلَه قَرِيبًا منه. فأمَّا المَدْفُونُ تَحْتَه، فقال ابنُ عقيلٍ: إن كان الحَفْرُ طَرِيًّا، فهو له، وإلَّا فلا؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّه إذا كان طَرِيًّا فواضِعُ اللَّقِيطِ حَفَرَه، وإذا لم يكُنْ طَرِيًّا، كان مَدْفُونًا قبل وَضْعِه، وقيل: ليس هو له بحالٍ؛ لأنَّه بمَوْضِعٍ لا يَسْتَحِقُّه إذا لم يكُنْ الحَفْرُ طَرِيًّا، فلم يكُنْ له إذا كان الحَفْرُ (١١) طَرِيًّا، كالبَعِيدِ منه، ولأنَّ الظاهِرَ أنَّه لو كان له، لَشَدَّهُ واضِعُه في ثِيَابِه (١٢)، لِيُعْلَمَ به، ولم يَتْرُكْه في مكانٍ لا يُطَّلَعُ عليه، وكلُّ ما حَكَمْنا بأنَّه ليس له (١٣) فحُكمُه حُكْمُ اللُّقَطَةِ، وما هو له أُنْفِقَ عليه منه، فإن كان فيه كِفَايَتُه، لم تَجِبْ نَفَقَتُه على أحدٍ؛ لأنَّه ذو مالٍ، فأشْبَهَ غيرَه من الناسِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ لِمُلْتَقِطِه الإِنْفَاقَ عليه منه (١١) بغيرِ إذْنِ الحاكِمِ. ذَكَرَه أبو عبد اللَّه ابن حامِدٍ؛ لأنَّه وَلِىٌّ له، فلم يُعْتَبرْ في (١٤) الإِنْفَاقِ عليه في حَقِّه إذْنُ الحاكِمِ، كوَصِىِّ اليَتِيمِ، ولأنَّ هذا من الأمْرِ بالمَعْرُوفِ، فاسْتَوَى فيه الإِمامُ وغيرُه، كتَبْدِيدِ الخَمْرِ. ورَوَى أبو الحارِثِ، عن أحمدَ، في رَجُلٍ أوْدَعَ رَجُلًا مالًا، وغابَ، وطالَتْ غَيْبَتُه، وله وَلَدٌ ولا نَفَقَةَ له، هل يُنْفِقُ عليهم هذا المُسْتَوْدَعُ من مالِ الغائِبِ؟ فقال: تقُومُ امْرأتُه (١٥) إلى الحاكِمِ، حتى يَأْمُرَه بالإِنْفاقِ عليهم. فلم يَجْعَلْ له الإِنْفَاقَ عليهم (١٦) من غيرِ إذْنِ الحاكِمِ. فقال بعضُ أصْحابِنَا: هذا مثلُه. والصَّحِيحُ أنَّ هذا مُخالِفٌ له من وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّ المُلْتَقِطَ له وِلَايةٌ على اللَّقِيطِ، وعلى مالِه؛ فإنَّ له وِلَايةَ أخْذِهِ وحِفْظِه. والثانى،


(١١) سقط من: م.
(١٢) في الأصل: "ساقه".
(١٣) في م زيادة: "واضعه".
(١٤) في النسخ: "فيه".
(١٥) في م: "امرأة".
(١٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>