للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدارٍ مُعَيَّنَةٍ أو غيرِها، وصدَّقَها، فلا كلامَ، وإن كذَّبها، وقال: ليس هذا لي، وإنَّما هو في يَدى لغَيْرِي. لم يُقْبَلْ إلَّا أن يُقرَّ به إلى واحدٍ بعَيْنِه، فإن كان الذي أقَرَّ له به حاضِرًا، نَظَرْتَ، فإن كذَّبه في إقْرارِه، سقَطَ، وقُضِىَ من المالِ دَيْنُه، وإنْ صدَّقَه نَظَرْتَ، فإن كان له به بَيِّنةٌ، فهو أوْلَى؛ لأنَّ له بَيِّنةً، وصاحبُ اليَدِ يُقِرُّ له به، وإن لم تَكُنْ له بَيِّنَةٌ، فذَكَرَ القاضي أنَّه لا يُقْبَلُ قولُهما، ويُقْضَى الدَّيْنُ منه؛ لأنَّ الْبَيِّنةَ شَهِدتْ لصاحبِ اليدِ بالمِلْكِ، فتَضَمَّنَتْ شَهادتُهما (٦٥) وُجوبَ القضاءِ منه، فإذا لم تُقْبَلْ شَهادتُهما (٦٥) في حقِّ نَفْسِه، قُبلَتْ فيما تضَمَّنَتْه؛ لأنَّه حَقٌّ لغيرِه؛ ولأنَّه مُتَّهَمٌ في إقْرارِه لغيرِه، لأنَّه قد يفْعَلُ ذلك ليُخَلِّصَ مالَه، ويعُودَ إليه، فتَلْحَقُه تُهْمَةٌ، فلم تَبْطُلِ البَيِّنةُ بقَوْلِه. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يثْبُتُ الإقْرارُ، وتَسْقُطُ البَيِّنَةُ؛ لأنَّها تشْهَدُ بالمِلْكِ لمن لا يَدَّعِيهِ ويُنْكِرُه. الجواب الثالث، أن يقولَ: حبسَني لأنَّ البَيِّنَةَ شَهِدتْ عليَّ لخَصْمِي بحَقٍّ ليبْحثَ عن حالِ الشُّهودِ. فهذا يَنْبَنِي على أصلٍ، وهو أنَّ الحاكمَ هل له ذلك أو لَا؟ فيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّ الحَبْسَ عذابٌ، فلا يَتَوَجَّه عليه قبلَ ثُبوتِ الحقِّ عليه. فعلى هذا لا يَرُدُّه إلى الحَبْسِ إن صدَّقَه خَصْمُه في هذا. والثاني، يجوزُ حَبْسُه؛ لأنَّ المُدَّعِيَ قد أقامَ ما عليه، وإنَّما بَقِيَ ما على الحاكمِ من البَحْثِ. ولأصْحابِ الشَّافعيِّ وَجْهانِ كهذَيْن، فعلى هذا الوَجْهِ، يرُدُّه إلى الحَبْسِ حتى يَكْشِفَ عن حالِ شُهودِه. وإن كذَّبه خَصْمُه، وقال: بل قد عَرَفَ الحاكمُ عَدالةَ شُهودِى، وحكَمَ عليه بالحقِّ. فالقولُ قولُه؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنَّ حَبْسَه بحَقٍّ. الجوابُ الرابعُ، أنْ (٦٦) يقولَ: حبَسنِى الحاكمُ بثَمَنِ كلبٍ، أو قِيمةِ خمرٍ أرَقتُه لذِمِّيٍّ؛ لأنَّه كان يرى ذلك. فإنْ صدَّقَه خَصْمُه، فذكرَ القاضي أنَّه يُطْلِقُه؛ لأنَّ غُرْمَ هذا ليس بوَاجبٍ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ الحاكمَ يُنفِّذُ حكمَ الحاكِم الأوَّلِ؛ لأنَّه ليس له نَقْضُ حُكْمِ غيرِه باجْتهادِه. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يتوقَّفُ ويجْتَهِدُ أن يَصْطلِحا على شىءٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه


(٦٥) في ب، م: "شهادتها".
(٦٦) سقط من: الأصل، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>