للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلَكَ. ولم يَرْجُمْها (٢٨). وعن عليٍّ مِثْلُه (٢٩). ولأنَّ في إقامةِ الحَدِّ عليها في حالِ حَمْلِها إتْلافًا لمَعْصُومٍ، ولا سبيلَ إليه، وسَواءٌ كان الحَدُّ رَجْمًا أو غيرَه، لأنَّه لا يُؤْمَنُ تَلَفُ الوَلَدِ من سَرَايَةِ الضَّرْب والقَطْعِ، ورُبَّما سَرَى إلى نفسِ المضْروبِ والمقْطُوعِ، فيفوتُ الولدُ بفَواتِهِ. فإذا وضَعتِ الولدَ، فإن كان الْحَدُّ رَجْمًا، لم تُرْجَمْ حتى تَسْقِيَه اللِّبَأَ؛ لأنَّ الولدَ لا يَعِيشُ إلَّا به، ثم إن كان له مَنْ يُرْضِعُهُ، أو تَكَفَّلَ أحَدٌ برَضَاعِهِ، رُجِمَتْ، وإلَّا تُرِكَتْ حتى تَفْطِمَه؛ لما ذكرْنا من حديثِ الْغامِدِيَّةِ، ولما رَوَى أبو داودَ (٣٠)، بإسْنادِه عن بُرَيْدَةَ، أنَّ امرأةً أتَتِ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالتْ: إنِّي فَجَرْتُ، فواللهِ إنِّي لَحُبْلَى. فقال لها: "ارْجِعِى حَتى تَلِدِى". فرَجَعَتْ، فلَمَّا ولَدتْ، أَتَتْه بالصَّبِىِّ، فقال: "ارْجِعِى فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ". فجاءَتْ به وقد فَطَمَتْه، وفى يَدِه شَىءٌ يأْكلُه، فأمرَ بالصَّبِىِّ، فدُفِعَ إلى رجلٍ من المسلمين، فأَمَرَ بها فحُفِرَ لها، وأمَرَ بها فَرُجِمَتْ، وأَمَرَ بها فصُلِّىَ عليها وَدُفِنَتْ. وإن لم يَظْهَرْ حَمْلُها، لم تُؤَخَّر؛ لاحْتِمالِ أنْ تكونَ حَمَلَتْ من الزِّنَى، لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجَمَ اليَهُوديَّةَ والجُهَنِيَّةَ، ولم يَسْأَلْ، عن اسْتِبْرَائِهِما. وقال لأُنَيْسٍ: "اذْهَبْ إلى امْرَأَةِ هَذَا، فَإنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". ولم يَأْمُرْه بسُؤالِهَا عن اسْتِبْرَائِهَا. ورَجَمَ علىٌّ شُراحةَ، ولم يَسْتَبْرِئْها. وإن ادَّعتِ الْحَمْلَ قُبِلَ قَوْلُها، كما قَبِلَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قولَ الغَامِدِيَّةِ. وإن كان الحَدُّ جَلْدًا، فإذا وَضَعَتِ الْوَلَدَ، وانْقَطَعَ النِّفَاسُ، وكانتْ قَوِيَّةً يُؤْمَنُ تَلَفُها، أُقِيمَ عليها الحَدُّ، وإن كانَتْ في نِفَاسِها، أو ضَعِيفَةً يُخَافُ تَلَفُهَا، لم يُقَمْ عليها الحَدُّ حتى تَطْهُرَ وَتَقْوَى. وهذا قولُ الشَّافِعِىِّ وأبى حنيفةَ. وذَكَرَ القاضي، أنَّه ظاهِرُ كلام الْخِرَقِىِّ. وقال أبو بكرٍ: يُقامُ عليها الحَدُّ في الحالِ، بِسَوْطٍ يُؤْمَنُ مَعَه التَّلَفُ، فإن خِيفَ عليها من السَّوْطِ، أُقِيمَ بالعُثْكُولِ. يعني شِمْرَاخَ النَّخلِ، وأطْرافَ الثِّياب؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَرَ بضَرْبِ المريضِ الذي زَنَى، فقال:


(٢٨) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من قال: إذا فجرت وهى حامل انتُظِرَ. . ., من كتاب الحدود. المصنف ١٠/ ٨٨، ٨٩.
(٢٩) انظر التخريج السابق.
(٣٠) تقدم تخريجه، في صفحة ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>