للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَدِيئِهِ، كان أوْلَى. ونحوَ هذا قال أصْحابُ الشافعيِّ؛ فإنَّهم قالوا: إذا أمْكَنَتِ التَّسْويَةُ بين الشَّريكَيْنِ في جَيِّدِه ورَدِيئِهِ، بأنْ يكونَ الجَيِّدُ في مُقَدَّمِها والرَّدِىءُ في مُؤَخَّرِها، فإذا قَسمْناها صارَ لكلِّ واحدٍ من (٤٨) الجَيِّدِ والرَّدِىءِ مثلُ ما للآخرِ، وجَبتِ القِسْمةُ، وأُجْبِرَ المُمْتنِعُ عليها، وإن لم تُمْكِنِ القِسْمَةُ هكذا، بأن تكونَ العِمارةُ أو الشجرُ والجيِّدُ لا تُمْكِنُ قِسْمتُه وَحْدَه، وأمْكَنَ التَّعْدِيلُ بالقِيمَةِ، عُدِّلَتْ بالْقِيمةِ، وأُجْبِرَ المُمْتنِعُ [من القِسْمةِ] (٤٩) عليها. وقال الشافعيُّ، في أحَدِ القَوْلَيْن: لا يُجْبَرُ المُمْتنِعُ من القِسْمةِ عليها. [وقالوا: إذا كانتِ الأرضُ ثلاثينَ جَرِيبًا (٥٠)، قيمةُ عشرةِ أجْرِبَةٍ منها كقِيمَةِ عِشْرين (٥١)، لم يُجْبَرِ المُمْتنِعُ من القِسْمةِ عليها] (٥٢)؛ لتعذُّرِ التَّساوِى في الزَّرْعِ، ولأنَّه لو كان حَقْلان مُتجاوِران (٥٣) لم يُجْبَرِ المُمْتنعُ من القِسْمةِ، إذا لم تُمْكِنْ إلَّا بأن يُجْعَلَ كلُّ واحدٍ منهما سَهْمًا (٥٤)، كذا هاهُنا. ولَنا، أنَّه مكانٌ واحدٌ، أمْكَنَتْ قِسْمَتُه، وتَعْديلُه، من غيرِ رَدِّ عِوضٍ ولا ضَررٍ، فوجَبتْ قِسْمتُه، كالدُّورِ. ولأنَّ ما ذكَرُوه يُفْضِي إلى مَنْعِ وُجوبِ القِسْمةِ في البَساتِينِ كلِّها (٥٥) والدُّور؛ فإنَّه لا يُمْكِنُ تَساوِى الشَّجرِ وبناءِ الدُّورِ ومَساكنِها إلَّا بالقِيمةِ، ولأنَّه مكانٌ لو بيعَ بعضُه وجَبتْ فيه الشُّفْعةُ لشَرِيكِ البائعِ، فوجَبتْ قِسْمتُه، كما لو أمْكَنَتِ التَّسْوِيَةُ بالزَّرْعِ. وأمَّا إذا كان بُسْتانان، لكلِّ واحدٍ منهما طريقٌ، أو حَقْلان، أو دَارَان، أو دُكَّانان مُتجاوِران أو مُتَباعِدان، فطلبَ أحدُ الشَّرِيكيْنِ قِسْمَتَه، بجَعْلِ كلِّ واحدٍ بينهما، لم يُجْبَرِ الآخَرُ على هذا، سواءٌ كانا مُتَساويَيْنِ أو مُخْتلِفيْنِ. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشَّافعىِّ؛ لأنَّهما شيئان مُتَميِّزان، لو بِيعَ أحدُهما، لم تجِبِ الشُّفْعةُ فيه لمالك الآخَرِ، بخلافِ البُسْتانِ الواحدِ، والأرضِ الواحدةِ وإن عظُمَتْ، فإنَّه


(٤٨) في م: "في".
(٤٩) سقط من: الأصل.
(٥٠) الجريب من الأرض والطعام: مقدار معلوم. انظر تفصيله في تاج العروس (ج ر ب).
(٥١) في النسخ: "عشر". وانظر: الشرح الكبير ٦/ ٢٢٧.
(٥٢) سقط من: ب. نقل نظر.
(٥٣) كذا، على أن "كان" بمعنى وجد. وانظر: الشرح الكبير ٦/ ٢٢٧.
(٥٤) في الأصل: "بينهما".
(٥٥) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>