للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالأرْضِ التى لم تُعَدَّ للاصْطِيادِ، مثلُ أرْضِ الزَّرْعِ إذا دَخَلَها ماءٌ فيه سَمَكٌ، ثم نَضَبَ عنه، أو حَلَّ (٨) فيها ظَبْىٌ، أو عَشَّشَ فيها طائِرٌ، أو سَقَطَ فيها جَرادٌ، أو حَصَلَ فيها مِلْحٌ، لم يَمْلِكْه صاحِبُها؛ لأنَّه ليس من نَماءِ الأرضِ، ولا ممَّا هى مُعَدَّةٌ له، لكنَّه يكونُ أحَقَّ به، إذ ليس لغيرِه التَّخَطِّى فى أرضِه، ولا الانْتِفاعُ بها، فإن تخَطَّى وأخَذَه، أخْطَأَ ومَلَكَه. قال أحمدُ فى وَرَشَانَ (٩) على نَخْلَةِ قومٍ، صادَه إنْسانٌ: هو للصَّائِدِ. وقال فى طَيْرةٍ (١٠) لِقَوْمٍ أَفْرَخَتْ فى دارِ جِيرانِهِمْ: إنَّ الفَرْخَ يَتْبَعُ الأُمَّ، يُرَدُّ فِرَاخُها على أصْحابِ الطَّيْرةِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، فى المَأْخُوذِ من أمْلاكِ الناسِ، من صَيْدٍ وكَلَأٍ وشِبْهه، أنَّه لا يَمْلِكُه بِأخْذِه؛ لأنَّه سَبَبٌ مَنْهِىٌّ عنه، فلم يُفِدِ المِلْكَ، كالبَيْعِ المَنْهِىِّ عنه، إذ السَّبَبُ لا يَخْتَلِفُ بين كونِه بَيْعًا، أو غيرَه؛ لقولِه عليه السَّلامُ: "مَن عَمِلَ (١١) عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْه أمْرُنَا، فَهُو رَدٌّ" (١٢). والصَّحِيحُ الأوَّلُ. ولا نُسَلِّمُ أنَّ السَّبَبَ مَنْهِىٌّ عنه، فإنَّ السَّبَبَ الأخْذُ، وليس بمَنْهِىٍّ عنه، إنَّما نُهِى عن الدُّخُولِ، وهو غيرُ السَّبَبِ، بخِلافِ البَيْعِ، ولأنَّ النَّهْىَ هاهُنا لِحَقِّ آدَمِىٍّ، فلا يَمْنَعُ المِلْكَ، كبَيْعِ المُصَرَّاةِ، والمَعِيبِ، وتَلَقِّى الرُّكْبانِ، والنَّجْشِ، وبَيْعِه على بَيْعِ أخِيهِ. ولو أعَدَّ أرْضَه لِلْمِلْحِ، فجَعَلَها ملَّاحةً؛ ليَحْصُلَ فيها الماءُ، فيَصِيرَ مِلْحًا، كالأرْضِ التى على ساحِلِ البَحْرِ، يَجْعَلُ إليها طَرِيقًا للماءِ، فإذا امْتَلأَتْ قَطَعَهُ عنها، أو تكونُ أرْضُه سَبِخَةً، يَفْتَحُ إليها الماءِ (١٣) من عينٍ، أو يَجْمَعُ فيها ماءَ المَطَرِ، فيَصِيرُ مِلْحًا، ملَكَه بذلك؛ لأنَّها مُعَدَّةٌ له، فأَشْبَهَتِ البِرْكَةَ المُعَدَّةَ لِلصَّيْدِ. وإنْ لم يكن أعَدَّها لذلك، لم يَمْلِكْ ما حَصَلَ فيها، كما قَدَّمْنا فى مِثْلِها. فإنْ قيل: فقد رُوِىَ عن أحمدَ، فى إنْسانٍ رَمَى طيرًا بِبُنْدُقٍ، فوَقَعَ فى دارِ


(٨) فى م: "دخل".
(٩) الورشان: طائر يسمى ساق حُرٍّ، لحمه أخفُّ من الحمام.
(١٠) كذا ورد.
(١١) سقط من: م.
(١٢) تقدم تخريجه فى ٥/ ٢٠٥، ٢٠٦.
(١٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>