للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملةُ ذلك أنَّ السَمَكَ وغيرَه من ذواتِ الماءِ التى لا تعيشُ إلَّا فيه، إذا ماتَتْ فهى حَلالٌ، سواءٌ ماتَتْ بسَبَبٍ أو غيرِ سبَبٍ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى البَحْرِ: "هُوَ الطَّهُورُ ماؤُه الحِلُّ مَيْتَتُه" (٣). قال أحمدُ: هذا خيرٌ من مائَةِ حَدِيثٍ. وأمَّا ما ماتَ بسبَبٍ، مثل أَنْ صادَه (٤) إنسانٌ، أو نَبَذَهُ البَحْرُ، أو جَزَرَ عنه، فإنَّ العُلَماءَ أجْمَعُوا على إباحَتِه، وكذلك ما حُبسَ فى الماءِ بحَظِيرَةٍ حتَّى يموتَ، فلا خلافَ أيضًا فى حِلِّه. قال أحمدُ: الطَّافِى يُؤْكَلُ، وما جَزَرَ عنه الماءُ أجودُ، والسَّمَكُ الذى نَبَذَه البحرُ لم يَخْتَلِفِ النَّاسُ فيه، وإنَّما اخْتَلَفُوا فى الطَّافِى، وليس به بأْسٌ. وممَّن أباحَ الطَّافِىَ من السَّمكِ أبو بكرٍ الصِّدِّيق، وأبو أيُّوبَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما. وبه قال [مالِكٌ، و] (٥) الشافِعِىُّ. وممَّنْ أباحَ ما وُجدَ من الْحِيتانِ عَطاءٌ، ومَكْحولٌ، والثَّوْرِىُّ، والنَّخَعِىُّ. وكرِهَ الطَّافِىَ جابِرٌ، وطاوسٌ، وابنُ سِيربنَ، وجابِرُ بنُ زَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّ جابرًا قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا أَلْقَى البَحْرُ، أَوْ جَزَرَ عَنْهُ، فكُلُوهُ، ومَا مَاتَ فيه وَطَفَا، فلا تَأْكُلُوهُ". روَاه أبو داودَ (٦). ولَنا، قَوْلُ اللَّهِ تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (٧). قال ابنُ عبّاسٍ: طعامُه ما ماتَ فيه (٨). وأيضًا الحديثُ الذى قَدَّمْناه. وقال أبو بكرٍ الصِّدِّيق، رَضِىَ اللَّهُ عنه: الطَّافِى حَلالٌ (٨). ولأنَّه لو ماتَ فى البرِّ أُبِيحَ، فإذا ماتَ فى البحرِ أبِيحَ، كالجرادِ. فأمَّا حديثُ جابِرٍ، فإنَّما هو مَوْقُوفٌ عليه، كذلك قال أبو داود: روَاه


(٣) تقدم تخريجه، فى: ١/ ١٣، ١٤.
(٤) فى ب: "يصيده".
(٥) سقط من: م.
(٦) فى: باب فى أكل الطافى من السمك، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٢٢.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الطافى من صيد البحر، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٨١.
(٧) سورة المائدة ٩٦.
(٨) أخرجهما البخارى تعليقا، فى: باب قول اللَّه تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى ٧/ ١١٦. والدارقطنى، فى: كتاب الصيد والذبائح. سنن الدارقطنى ٤/ ٢٦٩، ٢٧٠. والبيهقى، فى: باب ما لفظ البحر وطفا. . .، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى ٩/ ٢٥٣، ٢٥٥. وابن أبى شيبة، فى: باب من رخص فى الطافى من السمك، وباب قوله تعالى: {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} من كتاب الصيد. المصنف ٥/ ٣٨١، ٥٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>