للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوَارِثٍ، فيَبْطلُ عِتْقُه، ويَبْطُلُ مِيرَاثُه، لِبُطْلانِ عِتْقِه، فيُؤَدِّى تَوْرِيثُه (١١) إلى إبْطالِ تَوْرِيثِه، فصَحَّحْنا عتْقَه ولم نُوَرِّثْه، لئَلَّا يُفضِىَ إلى ذلك. ومذهبُ أبى حنيفةَ وصاحِبَيْه في هذا، كمَذْهَبِهِم فيما إذا مَلَكَهُ بِغيرِ عِوَضٍ. ولَنا، على إعْتاقِه قولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فَهُوَ حُرٌّ" (١٢). ولأنَّه مِلْكٌ وُجِدَ معه ما يُنَافِيه، فبَطَلَ، كمِلْكِ النِّكَاحِ مع مِلْكِ الرَّقَبةِ، أعْنِى فيما إذا اشْتَرَى أحَدُ الزَّوْجَيْنِ صاحِبَه: وإذا عَتَقَ وَرِثَ؛ لأنَّه وُجِد سَبَبُ المِيرَاثِ عَرِيَّا عن الموَانِعِ، فَورِثَ، كما لو وَرِثَه. وقولُهم: إن عَتْقَه وَصِيَّةٌ، لا يَصح، لأنَّ الوَصِيَّةَ فِعْلُه، والعِتْقُ ههُنا يَحْصُلُ من غيرِ اخْتِيارِه، ولا إرَادَتِه، ولأنَّ رقبةَ المُعْتَقِ لا تَحْصُلُ له، وإنَّما تَتْلَفُ مالِيَّته وتَزُولُ، فيَصِيرُ ذلك كتَلَفِه بِقَتْلِ بعض رقِيقِه، أو كإتْلافِ بعضِ (١٣) مالِه في بِنَاءِ مَسْجِدٍ، مثال ذلك، مَرِيضٌ وُهِب له ابْنُه، فَقبِلَه وقِيمَتُه مائةٌ، ثم ماتَ المَرِيضُ، وخَلَفَ اْبنًا آخَرَ ومائتَيْنِ، فإنَّه يَعْتِقُ، ويُقَاسِمُ أخَاهُ (١٤) المائتَيْنِ، في قول الأكْثَرِينَ. وعند الشافِعِيِّ، فيما حكى عنه غيرُ الْخَبْرِىّ، يَعْتِقُ ولا يَرِثُ (١٥) شَيْئًا. وعند صاحِبَىْ أبى حنيفةَ، يَعْتِقُ وله نِصْفُ التَّرِكَةِ، فيُحْتَسَبُ عليه بِقِيمَتِه ويَبْقَى له خَمْسُونَ. وإن كان باقِى التَّرِكَةِ خَمْسِينَ، فعندَنا يَعْتِقُ، وله نِصْفُ الخمْسِينَ. وهو قولُ مالِكٍ. وعند أبى حنِيفةَ، يَعْتِقُ نِصْفُه، ويَسْعَى في باقِيه، والخَمْسُونَ كلُّها


(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) أخرجه أبو داود، في: باب في من ملك ذا رحم محرم، من كتاب العتق. سنن أبي داود ٢/ ٣٥١. والترمذي، في: باب ما جاء في من ملك ذا رحم محرم، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى ٦/ ١٢٣. وابن ماجه، في: باب من ملك ذا رحم محرم فهو حر. من كتاب العتق. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٤٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ١٥، ١٨.
(١٣) سقط من: م.
(١٤) في ازيادة: "في".
(١٥) في م: "يورث".

<<  <  ج: ص:  >  >>