للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى تَرْقُوَتِهِ". ورُوِىَ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه وَكَّلَ عَمْرَو بن أُمَيَّةَ الضَّمْرِىَّ، في قَبُولِ نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ، وأبا رَافِعٍ في قَبُولِ نِكَاحِ مَيْمُونَةَ (٧). وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ على جَوَازِ الوَكَالَةِ في الجُمْلَةِ. ولأنَّ الحاجَةَ دَاعِيَةٌ إلى ذلك؛ فإنَّه لا يُمْكِنُ كلَّ واحدٍ فِعْلُ ما يَحْتَاجُ إليه، فدَعَتِ الحاجَةُ إليها.

فصل: وكلُّ مَن صَحَّ تَصَرُّفُه في شيءٍ بِنَفْسِه، وكان ممَّا تَدْخُلُه النِّيابَةُ، صَحَّ أن يُوَكِّلَ فيه رَجُلًا كان (٨) أو امْرَأةً، حُرًّا كان (٨) أو عَبْدًا، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا. وأمَّا من يَتَصَرَّفُ بالإِذْنِ، كالعَبْدِ المَأْذُونِ له، والوَكِيلِ، والمُضَارِبِ، فلا يَدْخُلُون (٩) في هذا. لكنْ يَصِحُّ من العَبْدِ التَّوْكِيلُ فيما يَمْلِكُه دون سَيِّدِه، كالطَّلَاقِ والخُلْعِ. [وكذلك الحُكْمُ في المَحْجُورِ عليه لِسَفَهٍ، لا يُوَكّلُ إلَّا فيما له فِعْلُه، من الطَّلَاقِ والخُلْعِ] (١٠)، وطَلَبِ القِصَاصِ، ونحوِه. وكلُّ ما يَصِحُّ (١١) أن يَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِه، وتَدْخُلُه النِّيَابَةُ، صَحَّ أن يَتَوَكَّلَ لغيرِه فيه، إلَّا الفاسِقَ، فإنَّه يَصِحُّ أن يَقْبَلَ النِّكَاحَ لِنَفْسِه. وذَكَرَ القاضي أنَّه لا يَصِحُّ أن يَقْبَلَهُ لغيرِه. وكلامُ أبى الخَطَّابِ يَقْتَضِى جَوازَ ذلك. وهو القِيَاسُ. ولأَصْحابِ الشّافِعِىِّ في ذلك وَجْهانِ، كهذَيْنِ. فأمَّا تَوْكِيلُه في الإِيجابِ، فلا يجوزُ إلَّا على الرِّوَايةِ التي تُثْبِتُ الوِلَايَةَ له. وذَكَرَ أصْحابُ الشّافِعِىِّ في ذلك وَجْهَيْنِ؛ أحدَهما: يجوزُ تَوْكِيلُه؛ لأنَّه ليس بِوَلِىٍّ. وَوَجْهُ الوَجْهِ الآخَرِ، أنَّه مُوجِبٌ لِلنَّكَاحِ، أشْبَهَ الوَلِىَّ. ولأنَّه لا يجوزُ أن يَتَوَلَّى ذلك بِنَفْسِه، فلم يَجُزْ أن يَتَوَكَّلَ فيه، كالمَرْأةِ. ويَصِحُّ تَوْكِيلُ المَرْأةِ في طَلَاقِ نَفْسِها، وطَلَاقِ غيرِها. ويَصِحُّ تَوْكِيلُ العَبْدِ في قَبُولِ النِّكَاحِ؛ لأنَّه ممَّن يجُوزُ أن يَقْبَلَه لِنَفْسِه؛ وإنَّما يَقِفُ ذلك على إِذْنِ سَيِّدِه، لِيَرْضَى


(٧) ذكرهما الحافظ ابن حجر في: كتاب الوكالة. تلخيص الحبير ٣/ ٥٠.
(٨) سقط من: م.
(٩) في الأصل: "يدخل".
(١٠) سقط من: ب.
(١١) في الأصل: "صح".

<<  <  ج: ص:  >  >>