للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خلافَ فيه بينَ أهلِ العلمِ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (١). وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٢). وقال تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٣). وقال سعدُ بن عُبادةَ لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أرأَيتَ لو وَجَدْتُ مع امرأتِى رجلًا، أُمْهِلُه حتى آتِىَ بَأرْبعةِ شُهدَاءَ؟ فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ". روَاه مالِكٌ، في "المُوَطَّإِ"، وأبو داود في "سُنَنِه" (٤). الشرطُ الثاني، أن يكونُوا رجالًا كلُّهم، ولا تُقْبَلُ فيه شهادةُ النِّساءِ بحالٍ. ولا نعلمُ فيه خلافًا. إلَّا شيئًا يُرْوَى عن عَطاءٍ، وحَمَّادٍ، أنَّه يُقْبَلُ فيه ثلاثةُ رجالٍ وامرأتانِ. وهو شذوذٌ لا يُعَوَّلُ عليه؛ لأنَّ لَفْظَ الأربعةِ اسمٌ لعدَدِ المُذَكَّرين (٥)، ويقْتضى أن يُكْتَفَى فيه بأربعةٍ، ولا خلافَ في أن الأربعةَ إذا كان بعضُهم نساءً لا يُكْتَفَى بهم، وأنَّ أقلَّ ما يُجْزِئُ خمسةٌ، وهذا خلافُ النَّصِّ، ولأنَّ في شَهادتِهنَّ شُبْهَةً؛ لتَطَرُّقِ الضَّلالِ إلَيْهِنَّ، قال اللَّه تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (٦). والحدودُ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. الشرط الثالث، الحُرِّيَّةُ، فلا تُقْبَلُ فيه شهادةُ العَبِيدِ، ولا نعلمُ في هذا خلافًا، إلَّا روايةً حُكِيَتْ عن أحمدَ، أنَّ شهادتَهم تُقْبَلُ. وهو قولُ أبى ثَوْرٍ؛ لعُمومِ النُّصوصِ فيه، ولأنَّه عَدْلٌ ذَكَرٌ مُسْلِمٌ، فَتُقْبَلُ شهادتُه، كالحُرِّ. ولَنا، أنَّه مُخْتَلَفٌ في شهادتِه في سائرِ الحُقوقِ، فيكونُ


(١) سورة النساء ١٥.
(٢) سورة النور ٤.
(٣) سورة النور ١٣.
(٤) أخرجه مالك، في: باب القضاء في من وجد مع امرأته رجلا، من كتاب الأقضية، وفى: باب ما جاء في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ ٢/ ٧٣٧، ٨٢٣. وأبو داود، في: باب في من وجد مع أهله رجلا أيقتله؟ ، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٤٨.
كما أخرجه مسلم، في كتاب اللعان. صحيح مسلم ٢/ ١١٣٥، ١١٣٦.
(٥) في ب، م: "المذكورين".
(٦) سورة البقرة ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>