للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فلم يَجُزْ له تَرْكُه، كسائِرِ الأرْكانِ. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللَّه عنه، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، وَإذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ". مُتَّفَقٌ عليه (٨). وعن عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، قالت: [صَلَّى النَّبِىُّ] (٩) -صلى اللَّه عليه وسلم- في بَيْتِه، وهو شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا، وصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فأشَارَ إليهم، أنِ اجْلِسُوا، فلما انْصَرَفَ قال: "إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه، فَقُولُوا: رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ. وإذا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ". ورَوَى أَنَسٌ نَحْوَه، أخْرَجَهما البُخَارِىُّ، ومُسْلِمٌ (٨). ورَوَى جَابِرٌ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِثْلَه. أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٨). ورَوَاهُ أُسَيْدُ بن حُضَيْرٍ، وعَمِلَ به. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: رُوِىَ هذا الحَدِيثُ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ، من حَدِيثِ أَنَسٍ، وجَابِرٍ، وأبى هُريرَةَ، وابنِ عمرَ، وعائشةَ، كلُّها بأسَانِيدَ صِحَاحٍ. ولأنَّها حالَةُ قُعُودِ الإِمامِ، فكان على المَأْمُومِينَ مُتَابَعَتُه، كحالِ التَّشَهُّدِ. فأمَّا حديثُ الشَّعْبِىِّ فَمُرْسَلٌ، يَرْوِيهِ جابِرٌ الجُعْفِىُّ، وهو مَتْرُوكٌ. وقد فَعَلَه أرْبَعَةٌ من أصْحابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدَه. وأما حديثُ الآخَرِينَ، فقال أحمدُ: ليس في هذا حُجَّةٌ؛ لأنَّ أبا بكرٍ كان ابْتَدَأَ الصلاةَ، فإِذا ابْتَدَأ الصَّلَاةَ قَائِمًا صَلُّوا قِيَامًا. فأشارَ أحمدُ إلى أنَّه يُمْكِنُ الجَمْعُ بين الحَدِيثَيْنِ، بِحَمْلِ الأوَّل على من


= كتاب الإِمامة. المجتبى ٢/ ٧٧ - ٧٩. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٨٩. والدارمى، في: باب في من يصلى خلف الإمام والإِمام جالس، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٢٨٧، ٢٨٨. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٥٦، ٢/ ٥٢، ٦/ ٢٢٤، ٢٥١.
(٨) سبق تخريج هذه الأحاديث مستوفاة في الجزء الثاني صفحة ١٣١. في تخريج حديث: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به".
(٩) في م: "صلى بنا رسول اللَّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>