للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَاه الأَثْرَمُ (٤) أيضًا، عن الأحْنَفِ، عن عمرَ وعلىٍّ (٥)، وعن سعيد بن المُسَيَّبِ. وعن زَيدِ بن ثابتٍ: عليها العِدَّةُ، ولها الصَّداقُ كاملًا. وهذه قضايا تَشْتَهِرُ، ولم يخالِفْهُم أحدٌ فى عَصْرِهم، فكان إجماعًا. وما رَوَوْه عن ابنِ عباسٍ، لا يَصِحُّ، قال أحمدُ: يَرْوِيه لَيْثٌ، وليس بالقَوِىِّ، وقد رَوَاه حَنْظَلةُ خِلافَ ما روَاه لَيْثٌ، وحَنْظَلةُ أقْوَى من (٦) لَيْثٍ. وحَدِيثُ ابنِ مسعودٍ مُنْقَطِعٌ. قالَه ابنُ المُنذرِ. ولأنَّ التَّسْليمَ المُسْتَحقَّ وُجِدَ من جهَتِها، فيَسْتَقِرُّ به البَدَلُ، كما لو وَطِئَها، أو كما لو أَجَرَتْ دارَها، أو باعَتْها وسَلَّمَتْها. وَأمَّا قولُه تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}. فيَحْتَمِلُ أنَّه كَنَى بالمُسَبَّبِ عن السبَّبَ، الذى هو الخَلْوةُ، بدليلِ ما ذكرناه. وأمَّا قوله: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}. فقد حُكِىَ عن الفَرَّاءِ، أنَّه قال: الإفْضاءُ الخَلْوةُ، دَخَلَ بها أو لم يَدْخُلْ. وهذا صحيحٌ؛ فإنَّ الإفْضاءَ مَأخُوذٌ من الفَضَاءِ، وهو الخالِى، فكأنَّه قال: وقد خَلَا بعضُكُم إلى بعضٍ. وقولُ الخِرَقِىِّ: حُكْمُهما حكمُ الدُّخُولِ فى جميعِ أُمُورِهِما. يعنى فى حُكْمِ ما لو وَطِئَها، من تَكْمِيلِ المَهْرِ، وَوُجُوبِ العِدَّةِ، وتَحْرِيمِ أُخْتِها وأربَعٍ سِواها إذا طَلَّقَها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها، وثُبُوتِ الرجْعةِ له عليها فى عِدَّتِها. [وقال الثورىُّ] (٧)، وأبو حنيفةَ: لا رَجْعَةَ له عليها، إذا أقَرَّ أنَّه لم يُصِبْها. ولَنا: قولُه تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ} (٨). ولأنَّها مُعْتَدَّة من نِكاحٍ صحيحٍ، لم يَنْفَسِخْ نِكاحُها، ولا كملَ عَدَدُ طَلاقِها، ولا طَلَّقَها بعِوَضٍ، فكان له عليها الرَّجْعةُ، كما لو أصَابَها. ولها عليه نَفَقةُ العِدَّةِ والسُّكْنَى؛ لأنَّ ذلك لِمَنْ لِزَوْجِها عليها الرجْعَةُ. ولا تَثْبُتُ بها الإِباحَةُ للزَّوْجِ المُطَلِّقِ ثَلاثًا؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِامْرأةِ رِفاعةَ القُرَظِىِّ (٩): "أتُرِيدينَ أن


(٤) سقط من: أ، ب، م.
(٥) وأخرجه البيهقى، فى الموضع السابق.
(٦) سقط من: م.
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) سورة البقرة ٢٢٨.
(٩) فى م: "القرشى". تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>