للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَنا. كان بينهما نِصْفَيْنِ، وفارَقَ الوَضِيعَةَ؛ فإنَّها لا تَتَعَلَّقُ إلَّا بالمالِ، بدَلِيلِ المُضَارَبةِ. وأمَّا شَرِكَةُ الأَبْدانِ، فهى مَعْقُودَةٌ على العَمَلِ المُجَرَّدِ، وهما يتَفاضَلانِ فيه مَرةً، ويَتَساوَيانِ (٦) أُخْرَى، فجازَ ما اتَّفَقَا عليه من مُسَاواةٍ أو تَفَاضُلٍ، كما ذَكَرْنا في شَرِكَةِ العِنَانِ، بل هذه أَوْلَى؛ لِانْعِقَادِها على العَمَلِ المُجَرَّدِ. وأمَّا شَرِكَةُ الوُجُوهِ، فكلامُ الخِرَقِىِّ بعُمُومِه يَقْتَضِى جَوازَ ما يَتَّفِقَانِ عليه من مُسَاواةٍ أو تَفَاضُلٍ. وهو قِياسُ المذهبِ؛ لأنَّ سائِرَ الشَّرِكاتِ الرِّبْحُ فيها على ما يَتَّفِقَانِ عليه، فكذلك هذه، ولأنَّها تَنْعَقِدُ على العَمَلِ وغيرِه، فجازَ ما اتَّفَقَا عليه، كشَرِكَةِ العِنَانِ. وقال القاضي: الرِّبْحُ بينهما على قَدْرِ مِلكَيْهِما في المُشْتَرَى؛ لأنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ بالضَّمَانِ، إذ الشَّرِكَةُ وَقَعَتْ عليه خاصَّةً، إذ لا مالَ عِنْدَهُما، فيَشْتَرِكانِ على العَمَلِ، والضَّمَانُ لا تَفَاضُلَ فيه، فلا يجوزُ التَّفَاضُلُ في الرِّبْحِ. ولَنا، أنَّها شَرِكَةٌ فيها عَمَلٌ، فجازَ ما اتَّفَقَا عليه في الرِّبْحِ، كسائِر الشَّرِكاتِ. وقولُ القاضي: لا مالَ لهما يَعْمَلانِ فيه. قُلْنا: إنَّما يَشْتَرِكانِ لِيَعْمَلَا في المُسْتَقْبَلِ فيما يأْخُذَانِه (٧) بجَاهِهما، كما أنَّ سائِرَ الشَّرِكاتِ إنَّما يكونُ العَمَلُ فيها فيما يَأْتِى، فكذا ههُنا. وأما المُضَارَبةُ التي فيها شَرِكَةٌ، وهى أن يَشْتَرِكَ مالَانِ وبَدَنُ صاحِبِ أحَدِهما، مثل أن يُخْرِجَ كلُّ واحدٍ منهما ألْفًا، ويَأْذَنَ أحَدُهما للآخَرِ (٨) في التِّجارَةِ بهما، فمهما شَرَطَا للعامِلِ من الرِّبْحِ إذا زادَ على النِّصْفِ، جَازَ؛ لأنَّه مُضَارِبٌ لصَاحِبِه في ألْفٍ (٩)، ولعامِلِ المُضَارَبةِ ما اتَّفَقَا عليه بغيرِ خِلَافٍ. وإن شَرَطا له دون نِصْفِ الرِّبْحِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ بمالٍ وعَمَلٍ (١٠)، وهذا الجُزْء الزَّائِد على النِّصْفِ المَشْرُوطِ لغير العامِلِ لا مُقَابِلَ له، فبَطَلَ شَرْطُه. وإن جَعَلَا الرِّبْحَ بينهما نِصْفَيْنِ،


(٦) في ب زيادة: "فيه".
(٧) في م: "يتخذانه".
(٨) في الأصل: "لصاحبه".
(٩) في أ: "للألف".
(١٠) في أ: "أو عمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>