للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبَّاسٍ (٣). وفى حديثِ ابنِ عمرَ الذى رَوَيناه: "لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ" (٤). فأمَّا قولُه: ثم يدعَها حتى تَنقضِىَ عِدَتُّها. فمَعْناه أنَّه لا يُتْبِعُها طَلاقًا آخرَ قبلَ قَضاءِ عِدَّتِها، ولو طلَّقَها ثلاثًا فى ثلاثةِ أطهارٍ، كان حُكْمُ ذلك حُكْمَ جَمْعِ الثَّلاثِ فى طُهْرٍ واحدٍ. قال أحمدُ: طلاقُ السُّنَّةِ واحدةٌ، ثم يَتركُها حتى تَحِيضَ ثلاثَ حِيَضٍ. وكذلك قال مالكٌ، والأوْزاعِىُّ، والشَّافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ. وقال أبو حَنيفةَ، والثَّوْرِىُّ: السُّنَّةُ (٥) أن يُطَلِّقَها ثلاثًا، فى كلِّ قَرْءٍ طَلْقةٌ. وهو قولُ سائرِ الكُوفِيِّيْنَ، واحتجُّوا بحديثِ ابنِ عمرَ، حين قال له النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رَاجِعْهَا، ثُمَّ أَمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ". قالوا: وإنَّما أمرَه بإمْساكِها فى هذا الطُّهْرِ؛ لأنَّه لم يَفْصِلْ بينه وبينَ الطَّلاقِ طُهْرٌ كاملٌ، فإذا مضَى ومَضَتِ الحَيْضَةُ التى بعدَه، أمرَه بطلاقِها، وقولُه (٦) فى حديثِه الآخَرِ: "وَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ، فيطَلِّقَ لِكُلِّ قَرْءٍ" (٧). ورَوَى النَّسائىُّ (٨) بإسْنادِه عن عبدِ اللَّهِ، قال: طلاقُ السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها تطليقةً، وهى طاهرٌ، فى غيرِ جِمَاعٍ، فإذا حاضَتْ وطَهُرَتْ، طلَّقَها أُخرى، [فإذا حاضَت وطَهُرَتْ طلَّقَها أُخْرَى] (٩)، ثم تَعْتدُّ بعدَ ذلك بِحَيْضَةٍ. ولَنا، ما رُوِىَ عن عَلِىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: لا يُطلِّقُ أحدٌ للسُّنَّةِ فيَنْدَمُ. رَوَاه الأثْرَمُ (١٠). وهذا


(٣) أخرجه الدارقطنى، فى: كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره. سنن الدارقطنى ٤/ ١٣، ١٤. وابن جرير فى الموضع السابق.
(٤) تقدم تخريجه فى ١/ ٤٤٤.
(٥) فى الأصل، ب، م: "للسنة".
(٦) سقطت الواو من الأصل.
(٧) تقدم فى الصفحة السابقة.
(٨) فى: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١١٤.
(٩) سقط من: أ.
(١٠) وأخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى طلاق السنة وطلاق البدعة، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٢٥. وابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى طلاق السنة، ومتى يطلق، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>