للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كإتلافِ المالِ، ولقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" (٥). والثَّانيةُ، أنَّه مُباحٌ، لقَوْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطلَاقُ". وفى لفظٍ: "مَا أَحَلَّ اللَّهُ شَيْئًا أبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ". روَاه أبو داودَ (٦). وإنَّما يكونُ مُبْغَضًا (٧) من غيرِ حاجةٍ إليه، وقد سمَّاه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَلالًا، ولأنَّه مُزِيلٌ للنِّكاحِ المُشْتَمِلِ على المصالحِ المَنْدُوبِ إليها، فيكونُ مكروهًا. والثالثُ، مباحٌ، وهو عندَ الحاجةِ إليه لسُوءِ خُلُقِ المرأةِ، وسُوءِ عِشْرَتِها، والتَّضَرُّرِ بها مِن غيرِ حصولِ الغَرَض بها. والرَّابعُ، مندوبٌ إليه، وهو عند تَفْريطِ المرأةِ فى حُقوقِ اللَّهِ الواجبةِ عليها، مثل الصَّلاةِ ونحوِها، ولا يُمْكِنُه إخبارُها عليها، أو تكونُ له امرأةٌ غيرُ عَفِيفةٍ. قال أحمدُ: لا يَنْبغِى له إمْساكُها، وذلك لأنَّ (٨) فيه نَقْصًا لدينهِ، ولا يَأْمَنُ إفْسادَها لفِرَاشِه، وإلْحاقَها به ولدًا ليس هو منه، ولا بأسَ بعَضْلِها فى هذه الحالِ، والتَّضييقِ عليها، لتَفتَدِىَ منه، قال اللَّهُ تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٩). ويَحْتَمِلُ أَنَّ الطَّلاقَ فى هذينِ الموضعيْنِ واجبٌ. ومن المَنْدوبِ إليه الطَّلاقُ فى حالِ الشِّقاقِ، وفى الحالِ التى تُحْوِجُ (١٠) المرأةَ إلى المُخالَعَةِ لتُزيلَ عنها الضَّرَرَ. وأمَّا المَحْظورُ، فالطَّلاقُ فى الحَيْضِ، أو فى طُهْرٍ جامَعَها فيه، أجْمَعَ العلماءُ فى جميعِ الأمْصارِ وكلِّ الأعْصارِ على تَحْريمِه، ويُسمَّى طلاقَ البدعةِ؛ لأنَّ المُطَلِّقَ خالفَ السُّنَّةَ، وتركَ أمرَ اللَّهِ تعالى ورسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال اللَّه تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (١١). وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنْ


(٥) فى أ: "إضرار". وتقدم تخريجه، فى: ٤/ ١٤٠.
(٦) فى: باب فى كراهية الطلاق، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥٠٣.
كما أخرج ابن ماجه اللفظ الأول، فى: باب حدثنا سويد بن سعيد، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٥٠.
(٧) فى أ، ب، م: "مبغوضا".
(٨) فى ب، م: "لأنه".
(٩) سورة النساء ١٩.
(١٠) فى النسخ: "تخرج".
(١١) سورة الطلاق ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>