للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَرَفَّهُ بذلك، فأشْبَهَ شُرْبَ الأدْوِيَةِ. وكذلك الحُكْمُ في قَطْعِ العُضْوِ عندَ الحاجَةِ، والخِتَانِ، كلُّ ذلك مُبَاحٌ مِن غيرِ فِدْيَةٍ. فإن احْتَاجَ في الحِجَامَةِ إلى قَطْعِ شَعْرٍ، فله قَطْعُه؛ لما رَوَى عبدُ اللهِ بن بُحَيْنَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ بِلَحْىِ جَمَلٍ (٣)، في طَرِيقِ مَكَّةَ وهو مُحْرِمٌ، وَسَطَ رَأْسِه. مُتَّفَقٌ عليه (٤). ومن ضَرُورَةِ ذلك قَطْعُ الشَّعْرِ. ولأنَّه يُباحُ حَلْقُ الشَّعْرِ لإزَالَةِ أذَى القَمْلِ، فكذلك هاهُنا. وعليه الفِدْيَةُ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو حنيفةَ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال صَاحِبَا أبي حنيفةَ: يَتَصَدَّقُ بِشىءٍ. ولَنا، قَوْلُه تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} (٥). الآية، ولأنَّه حَلْقُ شَعْرٍ لإزَالَةِ ضَرَرٍ غيرِه، فلَزِمَتْهُ الفِدْيَةُ، كما لو حَلَقَهُ لإزَالَةِ قَمْلِه. فأمَّا إن قَطَعَ عُضْوًا عليه شَعْرٌ، أو جِلْدَةٌ عليها شَعْرٌ، فلا فِدْيَةَ عليه، لأنَّه زَالَ تَبَعًا لما لا فِدْيَةَ فيه.


= في: باب كراهية الحجامة للصائم، من أبواب الصوم، وفي: باب ما جاء في الحجامة للمحرم، من أبواب الحج. عارضة الأحوذي ٣/ ٣٠٥، ٤/ ٦٩. والنسائي، في: باب الحجامة للمحرم، من كتاب المناسك. المجتبي ٥/ ١٥٢. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الحجامة للصائم، من كتاب الصيام، وفي: باب الحجامة للمحرم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ١/ ٥٣٧، ٢/ ١٠٢٩. والدارمي، في: باب الحجامة للمحرم، من كتاب المناسك. سنن الدارمي ٢/ ٣٧. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢١٥، ٢٢١، ٢٢٢، ٢٣٦، ٢٤٤، ٢٤٨، ٢٨٦، ٢٩٢، ٣١٥، ٣٣٣، ٣٤٤، ٣٤٦، ٣٥١، ٣٧٢، ٣٧٤.
(٣) لحى جمل: موضع بين مكة والمدينة، وهى عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا. معجم البلدان ٤/ ٣٥٣.
(٤) أخرجه البخاري، في: باب الحجامة للمحرم، من كتاب المحصر وجزاء الصيد، وفي: باب الحجامة على الرأس، من كتاب الطب. صحيح البخاري ٣/ ١٩، ٧/ ١٦٢. ومسلم، في: باب جواز الحجامة للمحرم، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٦٣.
كما أخرجه النسائي، في: باب حجامة المحرم وسط رأسه، من كتاب المناسك. المجتبي ٥/ ١٥٣. وابن ماجه، في: باب موضع الحجامة، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه ٢/ ١١٥٢. وأحمد، في: المسند ٥/ ٣٤٥.
(٥) سورة البقرة ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>