للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إجْبارَه على النِّكاحِ مع مِلْكِ الطَّلاقِ، مُجَرَّدُ إضْرارٍ، فإنه يُطَلِّقُ فيَلْزَمُه الصَّداقُ مع فَوَاتِ النِّكاحِ، ولأنَّه قد يكونُ له غَرَضٌ فى امْرأةٍ، ولا يكونُ له فى أُخْرَى، فإذا أُجْبِرَ على مَنْ يَكْرَهُها، لم تَحْصُلْ له المصلحةُ منها، وفات عليه غَرَضُه من الأُخْرَى، فيَحْصُلُ مُجَرَّدُ ضَرَرٍ مُسْتَغْنًى عنه. وإنَّما جاز ذلك فى حَقِّ المجنونِ والطفْلِ، لعدمِ إمكانِ الوُصولِ إلى ذلك مِن قَوْلِهما، ولم يَتَعَذّرْ ذلك ههُنا، فوَجَبَ أن لا يُفَوِّتَ ذلك عليه، كالرَّشِيدِ. الحال الثانى، أنَّ للوَلِىِّ أن يَأْذَنَ له فى التَّزْويجِ فى الحالةِ (٢٤) التى للوَلِىِّ تَزْويجُه فيها، وهى حالةُ الحاجةِ؛ لأنَّه من أهلِ النِّكاحِ، فإنه عاقلٌ مُكَلَّفٌ، ولذلك يَمْلِكُ الطَّلاقَ والخُلْعَ، فجاز أن يُفَوِّضَ إليه ذلك، ثم هو مُخيَّرٌ بين أن يُعَيِّنَ له المرأةَ، أو يَأْذَنَ له مُطْلَقًا. وقال بعضُ الشافعيةِ: يَحْتاجُ إلى التَّعْيينِ له (٢٥)؛ لئَلَّا يتزَوَّجَ شَرِيفةً يَكْثُرُ مَهْرُها ونَفَقَتُها، فيتَضَرَّرُ بذلك. ولَنا، أنَّه أذِنَ فى النِّكاحِ، فجاز من غيرِ تَعْيِينٍ، كالإِذْنِ للعَبْدِ، وبهذا يَبْطُلُ ما ذكَرُوه (٢٦). ولا يتزَوَّجُ إلَّا بمَهْرِ المِثْلِ، فإن زاد على مَهْرِ المِثْلِ، بَطَلَتِ الزِّيادةُ؛ لأنَّها مُحاباةٌ بمالِه، [وهو لا] (٢٧) يَمْلِكُها. وإن نَقَصَ عن مَهْرِ المِثْلِ، جاز؛ لأنَّه رِبْحٌ من غيرِ خُسْرانٍ. الحال الثالث، إذا تَزَوَّجَ بغيرِ إذْنٍ. فقال أبو بكر: يصحُّ النِّكاحُ، أَوْمَأَ إليه أحمدُ، قال القاضى: يعنى إذا كان مُحتاجًا، فإن عُدِمَتَ الحاجةُ لم يَجُزْ؛ لأنَّه إتلافٌ لمالِه (٢٨) فى غيرِ فائدةٍ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: إن أمْكَنَه اسْتِئْذانُ وَلِيِّه، لم يَصِحَّ إلَّا بإذْنِه؛ لأنَّه مَحْجورٌ عليه، فلم يَصِحَّ منه التَّصَرُّفُ بغيرِ إذْنِهِ (٢٩)، كالعبدِ، وإن طَلَبَ منه النكاحَ، فأبَى أن يُزَوِّجَه، ففيه وَجْهان. ولَنا، أنَّه إذا احتاجَ إلى النِّكاحِ، فحَقُّه مُتَعَيِّنٌ فيه، فصَحَّ استِيفاؤُه بنَفْسِه، كما لو


(٢٤) فى أ، م: "الحال".
(٢٥) سقط من: ب، م.
(٢٦) فى الأصل، أ، ب: "ذكره".
(٢٧) فى م: "ولا".
(٢٨) فى ب: "ماله".
(٢٩) فى م: "إذن".

<<  <  ج: ص:  >  >>