للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين مُسْلِمٍ وحَرْبِىٍّ فى دارِ الحَرْبِ. وعنه فى مُسْلِمَيْنِ أَسْلَما فى دارِ الحَرْبِ، لا رِبًا بينهما. لما رَوَى مَكْحُولٌ، عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "لا رِبًا بين المُسْلِمِينَ وأَهْلِ الحَرْبِ فى دَارِ الحَرْبِ" (٢٦). ولأنَّ أمْوالَهُم مُباحَةٌ، وإنما حَظَرَها الأمانُ فى دارِ الإِسْلامِ، فما لم يكن كذلك كان مُباحًا. ولنا، قولُ اللهِ تَعالَى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٢٧). وقولُه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (٢٧). وقال تَعالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (٢٨). وعُمُومُ الأخْبارِ يَقْتَضِى تَحْرِيمَ التَّفاضُلِ. وقولُه: "مَنْ زَادَ أوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى" (٢٩). عَامٌّ، وكذلك سائِرُ الأحَادِيثِ. ولأنَّ ما كان مُحَرَّمًا فى دارِ الإِسْلامِ كان مُحَرَّمًا فى دارِ الحَرْبِ، كالرِّبا بين المُسْلِمِينَ، وخَبَرُهُم مُرْسَلٌ لا نَعْرِفُ صِحَّتَهُ، ويحتَمِلُ أنَّه أرادَ النَّهْىَ عن ذلك، ولا يجوزُ تَرْكُ ما وَرَدَ بِتَحْرِيمِه القُرْآنُ، وتَظَاهَرَتْ به السُّنَّةُ، وانْعَقَدَ الإجْماعُ على تَحْرِيمِه، بِخَبَرٍ مَجْهُولٍ، لم يَرِدْ فى صَحِيحٍ، ولا مُسْنَدٍ، ولا كِتابٍ مَوْثُوقٍ به، وهو مع ذلك مُرْسَلٌ محْتَمِلٌ. [ويحتَمِلُ أنَّ المُرادَ بقولِه: "لا رِبًا". النَّهْىُ عن الرِّبا، كقولِه: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ (٣٠)}] (٣١)، وما ذَكَروهُ من الإِباحَةِ مُنْتَقِضٌ بالحَرْبِىِّ إذا دَخَلَ دارَ الإِسْلامِ، فإنَّ مالَهُ مُباحٌ، إلَّا فيما حَظرَهُ الأَمانُ، ويُمْكِنُ حَمْلُه بين المُسْلِمِينَ على هَيْئَةِ (٣٢) التَّفاضُلِ، وهو مُحَرَّمٌ بالإجْماعِ، فكَذا هاهُنا.


(٢٦) قال الزيلعى: غريب، وأسند البيهقى فى كتاب السير عن الشافعى، قال: قال أبو يوسف: إنما قال أبو حنيفة هذا لأن بعض المشيخة حدثه عن مكحول، عن رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "لا ربا بين أهل الحرب"، أظنه قال: "وأهل الإسلام". قال الشافعى: وهذا ليس بثابت، ولا حجة فيه انتهى كلامه. نصب الراية ٤/ ٤٤.
(٢٧) سورة البقرة ٢٧٥.
(٢٨) سورة البقرة ٢٧٨.
(٢٩) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٤.
(٣٠) سورة البقرة ١٩٧.
(٣١) سقط من: الأصل.
(٣٢) فى م: "هبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>