للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقْضَى منه الدُّيونُ، وتَنْفُذُ الوَصايَا، وباقِيه للوَرثةِ؛ لأنَّه يأْخُذُ الوقفَ ابتداءً من الواقفِ بغَيرِ واسِطَةٍ، فهو كأحَدِ البَنِينَ. وإن كانَ صغيرًا، أو حدَثَ لأحدِ البَنِينَ ولدٌ يُشارِكُهم فى الوَقْفِ، أو كان أحدُ البَنِينَ صَغيرًا، أُوقفَ (٢٢) نَصِيبُه مِن الوَقفِ عليه، ولا يُسلَّمُ إلى وَلِيِّه حتى يَبْلُغَ، فيَحْلِفَ أو يَمْتنِعَ؛ لأنَّه يَتلقَّى الوقفَ من غيرِ واسِطَةٍ. فإن قيل: فلِمَ لم يَسْتحِقَّ بغيرِ يَمِين، لكَوْنِ البَنِينَ المُسْتحِقِّينَ مُعْترِفينَ له بذلك، فيُكْتفَى باعْترافِهم، كما لو كان فى أيديهم دارٌ فاعْترَفُوا لصَغيرٍ منها بشِرْكٍ، فإنَّه يُسَلَّمُ إلى وَلِيِّه؟ قُلْنا: الفرقُ بينَهما أَنَّ الدَّارَ التى فى أيْدِيهم لم يَكُنْ لهم فيها مُنازِعٌ، ولا يُوجَبُ على أحدٍ منهم فيها يَمِينٌ، وهذه يُنازِعُهم فيها الأبوَانِ، وأصْحابُ الدُّيونِ والوَصايا، وإنَّما يَأْخُذونَها بأَيْمانِهم، فإذا أقَرُّوا بمُشارِكٍ لهم، فقد اعْترَفُوا بأنَّه كواحدٍ منهم، لا يَسْتحِقُّ إِلَّا بيَمِينِه، كما لا يَسْتحِقُّ واحدٌ منهم إِلَّا بالْيَمِينِ. ويُفارِقُ ما إذا كانَ الوقفُ مُرَتَّبًا على بَطنٍ بعدَ بَطنٍ، فإنَّه لا يُشارِكُهم أحدٌ من البَطْنِ الثانى. فإذا بلغَ الصَّغيرُ الموقوفُ نَصِيبُه، فحلَفَ، كان له، وإنِ امْتَنعَ نَظَرْتَ، فإن كانَ (٢٣) مَوجودًا حينَ الدَّعْوَى، أو قبلَ حَلِفِهم، كان نَصِيبُه مِيراثًا، كما لو كان بالِغًا، فامْتنَعَ منِ اليَمينِ، فإذا (٢٤) حدثَ بعدَ أيْمانِهم وثُبوتِ الوقفِ نَماءٌ، كان له نَصِيبُه أيضًا؛ لأنَّ الوَقف ثبَتَ فى جميعِ الدَّارِ بأيْمانِ البَنِينَ، فلا يَبْطُلُ بامْتِناعِ مَن حدثَ، إِلَّا أنَّه إِنْ أقَرَّ أنَّها ليست وَقْفًا، وكذَّبَ البَنِينَ فى ذلك، كان نَصِيبُه من الغَلَّةِ مِيراثًا، حكمُه حُكْمُ (٢٥) نَمَاءِ المِيراثِ، وإن لم يُكَذِّبْهِم، فنَصِيبُه وَقْفٌ له. وقال القاضى: إن امْتنَعَ من اليَمِينِ، رُدَّ نَصِيبُه إلى الأولادِ الثَّلاثةِ، ولم يُفرَّقْ بين مَن كان موجودًا حالَ الدَّعوَى والحادِثِ بعدَها؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يَسْتَحِقَّ شيئًا بغيرِ يَمِينِه، ولا يجوزُ أن يَبْطُلَ الوقفُ الثَّابتُ بأيْمانِهم، فتعيَّنَ رَدُّ نَصِيبِه إليهم. ولَنا، أنَّه إن كانَ مَوجودًا حالَ الدَّعْوَى وحَلِفِهم، فهو شَرِيكُهم حين يَثْبُتُ الوقفُ، فلم يَجُزْ أن يَثْبُتَ الوَقفُ فى نَصِيبِه بغَيرِ يَمِينِه، كالبالِغِ، وإن كان حادِثًا بعدَ ثُبوتِ الوَقفِ بأيْمانِهم، فهم مُقِرُّون له بمالٍ، ولأنَّهم يُقِرُّون


(٢٢) فى أ، ب، م: "وقف".
(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) فى أ: "فإن". وفى ب: "وإن".
(٢٥) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>