للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها، ولا قَدْرَ الطَّعامِ والأُدْمِ (٢٢)، ويُرْجَعُ عندَ الإِطْلاقِ إلى نفَقةِ مثْلِه. وقال الشَّافعىُّ لا يصحُّ حتى يَذكُرَ مُدّةَ الرَّضاعِ، وقَدْرَ الطَّعامِ وجِنْسَه، وقَدْرَ الأُدْمِ وجنسَه، ويكونَ المبلغُ معلومًا مضْبوطًا بالصِّفةِ كالمُسْلَمِ فيه، وما يَحِلُّ منه كلَّ يومٍ. ومَبْنَى الخلافِ على اشْتراطِ الطَّعامِ للأجيرِ مُطْلقًا، وقد ذكَرْناه فى الإِجارةِ ودَلَلْنا عليه بقصَّةِ موسَى عليه السَّلام، وقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رَحِمَ اللَّهُ أخِى مُوسَى، آجَرَ نَفْسَهُ بِطَعَامِ بَطْنِهِ وَعِفَّةِ فَرْجِه" (٢٣). ولأنَّ نفَقةَ الزَّوجةِ مُسْتَحَقَّةٌ بطريقِ المُعاوَضَةِ، وهى غيرُ مُقدَّرةٍ، كذا ههُنا. وللوالدِ أن يَأخُذَ منها ما يَسْتَحِقُّه مِن مُؤْنَةِ الصَّبِىِّ، وما يَحتاجُ إليه؛ لأنَّه بَدَلٌ ثبَتَ له فى ذِمَّتِها، فله أن يسْتَوْفِيَه بنَفْسِه وبغيرِه، فإن أحبَّ أنْفقَه بعَيْنِه، وإن أحبَّ أخذَه لنفسِه، وأنْفقَ عليه غيرَه. وإن أذِنَ لها فى إنْفاقِه على الصَّبِىِّ، جازَ. فإن مات الصَّبِىُّ بعدَ انقضاءِ مُدَّةِ الرَّضاعِ، فلأبِيه أن يأْخُذَ ما بَقِىَ من المُؤْنَةِ. وهل يستحقُّه دَفْعَةً أو يومًا بيَوْمٍ؟ فيه وجهانِ؛ أحدُهما، يسْتحِقُّه دَفْعَةً واحدةً. ذكرَه القاضى، فى "الجامعِ"، واحتجَّ بقولِ أحمدَ: إذا خالَعَها على رَضاعِ ولدِه، فمات فى أثناءِ الحَوْليْنِ. فال: يَرْجِعُ عليها ببقيَّةِ ذلك. ولم يَعْتَبِرِ الأجلَ. ولأنَّه إنَّما فُرِّقَ لحاجةِ الولدِ إليه متفرِّقًا، فإذا زالتِ الحاجةُ إلى التَّفْريقِ استُحِقَّ جُمْلةً واحدةً. والثَّانى، لا يسْتحقُّه إلَّا يومًا بيَوْمٍ. ذكره القاضى، فى "المُجرَّدِ"، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه ثبتَ مُنَجَّمًا، فلا يسْتحِقُّه مُعَجَّلًا، كما لو أسْلَمَ إليه فى خُبْزٍ يأخذُه منه كلَّ يومٍ أرْطالًا معلومةً، فمات المُسْتَحِقُّ له، ولأنَّ (٢٤) الحقَّ لا يَحِلُّ بمَوْتِ المُسْتَوْفِى، كما لو مات وكيلُ صاحبِ الحقِّ، وإن وقعَ الخلافُ فى اسْتِحْقاقِه بموتِ مَن هو عليه. ولأصحابِ الشَّافعىِّ فى هذا وَجْهانِ، كهذينِ. وإن ماتتِ المرأةُ خُرِّجَ فى اسْتحقاقِه فى الحالِ وَجْهانِ، كهذيْنِ، بِناءً على أَنَّ الدَّيْنَ هل يَحِلُّ بموتِ مَنْ هو عليه أم لا؟


(٢٢) الأدم: الإدام، وهو ما يستمرأ به الخبز.
(٢٣) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٥.
(٢٤) سقطت الواو من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>