للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنْقَسِمًا عليهما. وذكرَ القاضِى، فى قِسْمَتِه عليهما، أَنَّه يُقَسَّطُ أَرْشُ جَرْحِ الأَوَّلِ، وعلى الثانى أَرْشُ جِراحَتِه، ثمَّ يُقْسَمُ ما بَقِىَ من القيمَةِ بينهما نِصْفَيْن. وفرَضَ المسأَلَةَ فى صَيْدٍ قِيمَتُه عشرةُ دراهِم، نقَصَه جَرْحُ الأَوَّلِ درهَمًا، ونقَصَه جَرْحُ الثانى درهمًا، فعليه دِرْهَمٌ، ويُقْسَمُ الباقى وهو ثمانيةٌ بينهما نِصْفَيْن، فيكونُ على الثانِى خَمْسَةُ دَراهمَ؛ دِرْهَمٌ بالمباشَرَةِ، وأربعةٌ بالسِّرايَةِ، وتَسْقُطُ حِصَّةُ الأوَّلِ وهى خمسةٌ. وإن كان أرشُ جَرْحِ (٥) الثانى درهَمَيْن، لزِماهُ، ويَلْزَمُه (٦) نِصْفُ السَّبْعَةِ الباقِيَةِ، ثلاثةٌ ونِصْف، فيَلْزَمُه خمسةٌ ونصفٌ، وتسْقطُ حِصَّةُ الأَوَّلِ أربعةٌ ونصفٌ. وإِنْ كانت جِنايَتُهما على حيوانٍ مَمْلُوكٍ لغيرِهما، قُسِمَ الضَّمانُ عليهما كذلك. ويتوجَّهُ على هذه الطريقَةِ، أنَّه سَوَّى بينَ الجنايَتَيْن، مع أنَّ الثانىَ جَنَى عليه وقيمَتُه دونَ قيمَتِه يومَ جَنَى عليه الأَوَّلُ، وأنَّه لم يدْخُلْ أرشُ الجنايَةِ فى بدَلِ النَّفْسِ، كما يدْخُلُ فى الجنايَةِ على الآدَمِىّ. والجوابُ عن هذا، أَنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما انْفَردَ بإتْلافِ ما قيمَتُه دِرْهَمٌ، وتَساوَيَا فى إتْلافِ الباقِى بالسِّرَايةِ، فتساوَيَا فى الضَّمانِ، وإنَّما يدْخُلُ أرشُ الجنايَةِ فى بدلِ النَّفْسِ التى لا ينْقُصُ بَدَلُها بإتْلافِ بعضِها، وهو الآدَمِىُّ، أَمَّا البهائمُ، فإنَّه إذا جَنَى عليها جِنايةً أرْشُها دِرْهَمٌ، نقصَ ذلك من قيمَتِها، فإذا سَرَى إلى النَّفْس، أَوْجَبْنَا ما بَقِىَ من قِيمَةِ النَّفْسِ، ولم يدْخُلِ الأَرْشُ فيها. وذكرَ أصحابُ الشافِعِىِّ فى قِسْمةِ الضَّمَانِ طُرْقًا سِتَّةً؛ أصَحُّها عندَهم أَنْ يُقالَ: إنَّ الأَوَّلَ أَتْلَفَ نصفَ نفسٍ قيمتُها عشرةٌ، فيلزَمُه (٧) خمسَةٌ، والثانِى أَتْلَفَ نصفَ نفسٍ قيمَتُها تسعةٌ، فيَلْزَمُه أرَبعَةٌ ونصفٌ، فيكونُ المجموعُ تسعةً ونصفًا، وهى أقلُّ منٍ قيمَتِه، لأنَّها عشرةٌ، فتُقْسَمُ العشرةُ على تِسْعَةٍ ونصْفٍ، فيسقُطُ عن الأَوَّلِ ما يُقابِلُ أَرْبَعَة ونصفًا، ويَتوجَّه على هذا، أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يلزَمُه أَكْثَرُ من قيمَةِ نصفِ الصَّيْد حين جَنَى عليه. وإِنْ كانت الجِراحاتُ من ثلاثةٍ، فإنْ كان الأَوَّل هو أثْبَتَه، فعلى طَرِيقَةِ القاضِى، على كلِّ واحِدٍ أرشُ جَرْحِه، وتُقْسَمُ السِّرايةُ عليهم أثلاثًا، وإن كان المُثْبِتُ له هو الثانِىَ، فجَرْحُه


(٥) سقط من: أ، ب.
(٦) فى ب: "ولزمه".
(٧) فى ب: "فلزمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>