للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَضِىَ اللَّه عنه، قال: قال رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِه، إذَا كَانَ مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بنَفَقَتِه، إذَا كَانَ مَرْهُونًا، وعَلَى الَّذِى يَرْكَبُ ويَشْرَبُ النَّفَقَةُ". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٧). وعن أبى هُرَيْرَةَ. رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ" (٨). وأما الإِجْمَاعُ، فأَجْمَعَ المسلمون على جَوازِ الرَّهْنِ فى الجُمْلَةِ.

فصل: ويجوزُ الرَّهْنُ فى الحَضَرِ، كما يجوزُ فى السَّفَرِ. قال ابنُ المُنْذِر: لا نَعْلَمُ أحَدًا خَالَفَ فى ذلك، إلَّا مُجَاهِدًا، قال: ليس الرَّهْنُ إلَّا فى السَّفَرِ؛ لأنَّ اللَّه تعالى شَرَطَ السَّفَرَ فى الرَّهْنِ بقولِه تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى من يَهُودِىٍّ طَعَامًا، ورَهَنَهُ دِرْعَهُ، وكَانَا بالمَدِينَةِ. ولأنَّها وَثِيقَةٌ تَجُوزُ فى السَّفَرِ، فجازَتْ فى الحَضَرِ، كالضَّمَانِ. فأمَّا ذِكْرُ السَّفَرِ، فإنَّه خَرَجَ مَخْرَجَ الغَالِبِ؛ لِكَوْنِ الكاتِبِ يُعْدَمُ فى السَّفَرِ غَالِبًا، ولهذا لم يَشْتَرِطْ عَدَمَ الكَاتِبِ، وهو مَذْكُورٌ معه أيضا.

فصل: والرَّهْنُ غيرُ واجِبٍ. لا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا؛ لأنَّه وَثِيقَةٌ بالدَّيْنِ، فلم يَجِبْ، كالضَّمانِ والكِفَايَةِ. وقولُ اللَّه تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}. إرْشَادٌ لنا لا إِيجَابٌ علينا، بِدَلِيل قولِ اللهِ تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}. ولأنَّه أَمَرَ به عند إعْوَازِ (٩) الكِتَابَةِ، والكِتَابَةُ غير وَاجبَةٍ، فكذلك بَدَلُها.

فصل: ولا يَخْلُو الرَّهْنُ من ثلاثةِ أَحْوالٍ، أحَدُها، أن يَقَعَ بعدَ الحَقِّ، فيَصِحُّ بالإِجْماعِ؛ لأنَّه دَيْنٌ ثَابِتٌ تَدْعُو الحاجَةُ إلى (١٠) أَخْذِ الوَثِيقَةِ به، فجازَ أخْذُها به


(٧) فى: باب الرهن مركوب ومحلوب، من كتاب الرهن. صحيح البخارى ٣/ ١٨٧.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الرهن، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٥٨. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الانتفاع بالرهن، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٥٩. وابن ماجه فى: باب الرهن مركوب ومحلوب، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه ٢/ ٨١٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٢٨، ٤٧٢.
(٨) أخرجه ابن ماجه، فى: باب لا يغلق الرهن، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه ٢/ ٨١٦. والإمام مالك، فى: باب مالا يجوز من غلق الرهن، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧٢٨. والبيهقى فى: باب ما روى فى غلق الرهن، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٦/ ٤٤.
(٩) فى النسخ: "إعواد".
(١٠) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>