للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: إن فَعَلَ أخْطَأ السُّنّةَ، والفُرْقةُ جائزةٌ، ويَنْتَفِى الولدُ عنه؛ لأنَّ اللَّه تعالى عَطَفَ لِعانَها على لِعَانِه بالواوِ، وهى لا تَقْتَضِى تَرْتِيبًا (٧)، ولأنَّ اللِّعانَ قد وُجِدَ منهما جميعًا، فأشْبَهَ ما لو رتّبَتْ. وعند الشافعىِّ، لا يَتِمُّ اللِّعانُ إلّا بالتَّرْتيبِ، إلَّا أنَّه (٨) يَكْفِى عنده لِعَانُ الرَّجُلِ وحدَه لنَفْىِ الولدِ، وذلك حاصلٌ مع إخْلالِه بالتَّرْتيبِ، وعَدَمِ كَمالِ ألَفاظِ اللِّعانِ من المرأةِ. ولَنا، أَنَّه أتَى باللِّعانِ على غيرِ ما وَرَدَ به القرآنُ والسُّنَّةُ، فلم يَصِحَّ، كما لو اقْتَصَرَ على لَفْظةٍ واحدةٍ، ولأنَّ لِعانَ الرجلِ بَيِّنَتُه لإِثْباتِ زِنَاها وَنَفْىِ ولدِها، ولِعانَ المرأةِ للإِنْكارِ، فقُدِّمَتْ بَيِّنةُ الإِثْباتِ، كتَقْديمِ الشُّهودِ على الأيْمانِ، ولأنَّ لِعانَ المرأةِ لدَرْءِ العَذابِ عنها، ولا يتَوَجَّهُ عليها ذلك إلَّا بلِعانِ الرَّجُلِ، فإذا قَدَّمَتْ لِعانَها على لِعانِه، فقد قَدَّمَتْه على وَقْتِه، فلم يَصِحَّ، كما لو قدّمَتْه على القَذْفِ. الشَّرْط الرابع، أَن يَذْكُرَ نَفْىَ الولدِ فى اللِّعانِ، فإنْ (٩) لم يَذْكُرْ، لم يَنْتَفِ (١٠)، إلّا أَن يُعِيدَ اللّعانَ ويذكرَ نَفْيَه. وهذا ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واختيارُ القاضِى، ومذهبُ الشافعىِّ. وقال أبو بكرٍ: لا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِ الولدِ ونَفْيِه، ويَنْتَفِى بزَوَالِ الفِرَاشِ؛ لأنَّ حَدِيثَ سَهْلِ بن سعدٍ، الذى وَصَفَ فيه اللعانَ، لم يذَكُرْ فيه الولدَ، وقال فيه: ففَرَّقَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما، وقَضَى أَن لا يُدْعَى وَلَدُها (١١) لأبٍ، ولا يُرْمَى ولدُها. روَاه أبو داودَ (١٢). وفى حديثٍ روَاه مسلمٌ (١٣)، عن عبد اللَّه (١٤)، أَن رَجُلًا لَاعَنَ امرأتَه على عهدِ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففَرّقَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما، وألْحَقَ الولدَ


(٧) فى أ، ب، م: "ترتيبها".
(٨) فى الأصل زيادة: "مما".
(٩) فى ب، م: "فإذا".
(١٠) فى أزيادة: "عنه".
(١١) فى سقط من: ب.
(١٢) فى: باب اللعان، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥٢١.
(١٣) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٧٣.
(١٤) أى ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>