للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمِثْلِه (١٦) وإن اخْتَلَفا في الصِّغَرِ والكِبَرِ، والدِّقَّةِ والغِلَظِ، ويُراعِى الطُّولَ والعَرْضَ؛ لأنَّه مُمْكِنٌ، فإن كان رأسُ الشَّاجِّ والمَشْجُوجِ سواءً، اسْتَوْفَى قَدْرَ الشَّجَّةِ، وإن كان رأسُ الشاجِّ أصْغَرَ، لكنَّه يتَّسِعُ للشَّجَّةِ، اسْتُوفِيَتْ وإن (١٧) اسْتَوعَب (١٨) رَأْسَ الشَّاجِّ كلَّه وهى في (١٩) بعضِ رَأْسِ المَشْجُوجِ؛ لأنَّه اسْتَوفاها بالمِسَاحةِ، ولا يَمْنَعُ الاسْتِيفاءَ زِيادَتُها على مثلِ مَوْضِعِها من رأْسِ الجانِى؛ لأنَّ الجميعَ رَأْسٌ (٢٠). وإن كان قَدْرُ الشَّجَّةِ يَزِيدُ على رأسِ الجانِى، فإنَّه يَسْتَوْفِى الشَّجَّةَ في (٢١) جميعِ رأسِ الشَّاجِّ، ولا يجوزُ أن يَنْزِلَ إلى جَبْهَتِه؛ لأنَّه يَقْتَصُّ في عُضْوٍ آخرَ غيرِ العُضْوِ الذي جَنَى عليه. وكذلك لا يَنْزِلُ إلى قَفَاه؛ لما ذكرناه. ولا يَسْتَوْفِى بقِيَّةَ الشَّجَّةِ في موضعٍ آخَرَ من رأسِه؛ لأنَّه يكونُ مُسْتَوْفِيًا لمُوضِحَتَيْنِ، وواضعًا للحديدةِ في غيرِ المَوْضعِ الذي وضَعَها فيه الجانِى. واخْتَلَفَ أصحابُنا في ماذا يَصْنَعُ؟ فذكَر (٢٢) القاضي أنَّ ظاهِرَ كلامِ أبى بكرٍ، أنَّه لا أرْشَ له فيما بَقِىَ؛ كيلا يَجْتَمِعَ قِصاصٌ ودِيَةٌ في جُرْحٍ واحدٍ. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ. فعلى هذا يتَخَيَّرُ بينَ الاسْتيفاءِ في جميعِ رأسِ الشَّاجِّ ولا أرْشَ له، وبين العَفْوِ إلى دِيَةِ مُوضِحَةٍ. وقال أبو عبدِ اللَّه ابنُ حامدٍ، وبعضُ أصحابِنا: له أَرْشُ ما بَقِىَ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ القِصاصُ فيما جَنَى عليه، فكان له أرْشُه، كما لو تعَذّرَ في الجميعِ. فعلى هذا، تُقَدَّرُ شَجَّةُ الجانِى من الشَّجَّةِ في رأسِ المَجْنِى عليه، ويَسْتَوْفِى أرْشَ الباقِى، فإن كانت بقَدْرِ ثُلُثِها (٢٣) فلَه ثلثُ أرْشِ مُوضِحَةٍ، وإن زادتْ أو نَقَصَتْ عن هذا فبالحِسابِ من أرْشِ المُوضِحَةِ. ولا يجبُ له أرْشُ مُوضِحةٍ كاملةٍ؛ لئلَّا يُفْضِىَ إلى إيجابِ القِصاصِ ودِيَةِ مُوضِحةٍ في مُوضِحةٍ واحدةٍ، فإن أوْضَحَه في جميعِ رأسِه، ورأسُ


(١٦) في م: "مثله".
(١٧) في م: "إن".
(١٨) في م: "استوعب أن".
(١٩) سقط من: م.
(٢٠) في م: "رأسه".
(٢١) في م: "من".
(٢٢) في الأصل: "قد ذكر".
(٢٣) في الأصل: "ثلثيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>