للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاحْتمالِ حُدُوثِه بعد الوَصِيَّةِ. وإن كانت بائِنًا، فأتَتْ به لأَكْثَرَ من أَرْبَعِ سِنِينَ من حينِ الفُرْقَةِ، وأَكْثَرَ من سِتَّةِ أشْهُرٍ من حينِ الوَصِيَّةِ، لم تَصِحَّ الوَصِيَّةُ له، وإن أتَتْ به لأَقَلَّ من ذلك، صَحَّتِ الوَصِيَّةُ له؛ لأنَّ الوَلَدَ يُعْلَمُ وُجُودُه إذا كان لِسِتَّةِ أشْهُرٍ، ويُحْكَمُ بوُجُودِه إِذَا أَتَتْ به لأقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ من حينِ الفُرْقةِ. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. وإن وَصَّى لحَمْلِ امْرَأةٍ من زَوْجِها أو سَيِّدِها، صَحَّتِ الوَصِيّةُ له، مع اشْتِراطِ إلْحاقِه به، وإن كان مَنْفِيًّا (٤) باللِّعَانِ، أو دَعْوَى الاسْتِبْراءِ، لم تَصِحَّ الوَصِيَّةُ له؛ لِعَدَمِ نَسَبِه المُشْتَرَطِ (٥) في الوَصِيَّةِ، فأمَّا إِن كانت المَرْأةُ فِرَاشًا لِزَوْجٍ أو سَيِّدٍ، إِلَّا أنَّه لا يَطَؤْها؛ لكَوْنِه غائِبًا في بَلَدٍ بَعِيدٍ، أو مَرِيضًا مَرَضًا يَمْنَعُ الوَطْءَ، أو كان أسِيرًا أو مَحْبُوسًا، أو عَلِمَ الوَرَثةُ أنَّه لم يَطَأْهَا وأقَرُّوا (٦) بذلك، فإنَّ أصْحابَنا لم يُفَرِّقُوا بين هذه الصُّوَرِ وبين ما إذا كان يَطَؤُها؛ لأنَّهما لم يفْتَرِقا في لُحُوقِ النَّسَبِ بالزَّوْجِ والسَّيِّدِ، فكانت في حُكْمِ من يَطَؤُها. ويَحْتَمِلُ أنَّه متى أتَتْ به في هذه الحال، لِوَقْتٍ يَغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّه كان مَوْجُودًا حالَ الوَصِيَّةِ، مثل أن تَضَعَهُ لأقَلَّ من غالِبِ مُدَّةِ الحَمْلِ، أو تكونَ أمارَاتُ الحَمْلِ ظاهِرَةً، أو أتَتْ به على وَجْهٍ يَغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّه كان مَوْجُودًا بأمَاراتِ الْحَملِ، بحيثُ يُحْكَمُ لها بكَوْنِها حامِلًا، صَحَّتِ الوَصِيّةُ له؛ لأنَّه يَثْبُتُ له أحْكَامُ الحَمْلِ في (٧) غيرِ هذا الحُكْمِ، وقد انْتَفَتْ أسْبابُ حُدُوثِه ظاهِرًا، فيَنْبَغِى أن نُثْبِتَ له الوَصِيَّةَ، والحُكْمُ بإلْحاقِه بالزَّوْجِ والسَّيِّدِ في هذه الصُّوَرِ إنَّما كان احْتِياطًا لِلنَّسَبِ، فإنَّه يَلْحَقُ بمُجَرَّدِ الاحْتِمَالِ وإن كان بَعِيدًا، ولا يَلْزَمُ من إِثْباتِ النَّسَبِ (٨) بمُطْلَقِ الاحْتِمالِ، نَفْىُ اسْتِحْقاقِ الوَصِيَّةِ، فإنَّه لا يُحْتَاطُ لإِبْطَالِ الوَصِيَّةِ، كما يحْتَاطُ لإِثْباتِ النَّسَبِ (٨)، فلا يَلْزَمُ إلْحاقُ ما لا يُحْتَاطُ له بما يُحْتَاطُ له (٩) مع ظُهُورِ ما يُثْبِتُه ويُصَحِّحُه.


(٤) في م: "منتفيا".
(٥) في م: "المشروط".
(٦) في الأصل: "أو أقروا".
(٧) في م: "من".
(٨) في م: "السبب".
(٩) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>