للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرُوه يَبْطُلُ بهذه المَسْأَلَةِ. ولأنَّهما اتَّفَقَا على أنَّ المَنَافِعَ لا تَنْتَقِلُ إلى الرّاكِبِ إلَّا بِنَقْلِ المالِكِ لها، فيكونُ القولُ قولَه في كَيْفِيَّةِ الانْتِقَالِ، كالأَعْيانِ، فيَحْلِفُ المالِكُ، ويَسْتَحِقُّ الأَجْرَ. وفى قَدْرِه وَجْهَانِ؛ أحدهما: أَجْرُ المِثْلِ؛ لأنَّهما لو اتَّفَقَا على وُجُوبِه، واخْتَلَفَا في قَدْرِه، وَجَبَ أَجْرُ المِثْلِ، فمع الاخْتِلَافِ في أصْلِه أَوْلَى. والثانى: المُسمَّى؛ لأنَّه وَجَبَ بِقَوْلِ المالِكِ ويَمِينِه، فوَجَبَ ما حَلَفَ عليه، كالأَصْلِ. وإن كان اخْتِلَافُهُما في أثْنَاء المُدَّةِ، فالقولُ قولُ الرّاكِبِ فيما مَضَى منها (٥٩)، والقولُ قولُ المُسْتَعِيرِ فيما بَقِىَ؛ [لأنَّ ما بَقِىَ] (٦٠) بمَنْزِلَةِ ما لو اخْتَلَفَا عَقِيبَ العَقْدِ. وإن ادَّعَى المالِكُ في (٦١) هذه الصُّورَةِ أنَّها عَارِيَّةٌ. وادَّعَى الرَّاكِبُ أنَّها بأَجْرٍ، فالرّاكِبُ يَدَّعِى اسْتِحْقَاقَ المَنَافِعِ، وَيعْتَرِفُ بالأَجْرِ لِلْمالِكِ، والمالِكُ يُنْكِرُ ذلك كلَّه، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، فيَحْلِفُ، ويَأْخُذُ بَهِيمَتَه. وان اخْتَلَفَا في ذلك بعدَ تَلَفِ البَهِيمَةِ قبلَ مُضِىّ مُدَّةٍ لمِثْلِها أَجْرٌ، فالقولُ قولُ المالِكِ، سواءٌ ادَّعَى الإِجَارَةَ أو الإِعَارَةَ؛ لأنَّه إنِ ادَّعَى الإِجَارَةَ، فهو مُعْتَرِفٌ لِلرَّاكِبِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِه مِن ضَمَانِها، فيُقْبَلُ إقْرَارُه على نَفْسِه، وإن ادَّعَى الإِعَارَةَ، فهو يَدَّعِى قِيمَتَها، فالقولُ قولُه؛ لأنَّهما اخْتَلَفَا في صِفَةِ القَبْضِ، والأَصْلُ فيما يَقْبِضُه الإِنْسَانُ من مالِ غيرِه الضَّمَانُ، لقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عَلَى الْيَدِ مَا أخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ". فإذا حَلَفَ المالِكُ، اسْتَحَقَّ القِيمَةَ، والقولُ في قَدْرِهَا قولُ الرّاكِبِ مع يَمِينِه؛ لأنَّه يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ المُخْتَلَفَ فيها، والأَصْلُ عَدَمُها. وإن اخْتَلَفَا في ذلك بعدَ مُضِىِّ مُدَّةٍ لمِثْلِها أَجْرٌ، وتَلَفِ البَهِيمَةِ، وكان الأَجْرُ بِقَدْرِ قِيمَتِها، أو كان ما يَدَّعِيه المالِكُ منهما أقَلَّ ممَّا يَعْتَرِفُ به الرَّاكِبُ، فالقولُ قولُ المالِكِ بغيرِ يَمِينٍ، سواءٌ ادَّعَى الإِجَارَةَ أو الإِعَارَةَ، إذ لا فائِدَةَ في اليَمِينِ على شيءٍ يَعْتَرِفُ له به. ويَحْتَمِلُ أن لا يَأْخُذَه إلَّا بِيَمِينٍ؛ لأنَّه يَدَّعِى شيئا لا يُصَدَّقُ فيه، ويَعْتَرِفُ


(٥٩) سقط من: الأصل.
(٦٠) سقط من: الأصل، ب. نقلة نظر.
(٦١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>