للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: رَآنِى رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ وأنا أُصَلِّى رَكْعَتَىِ الفَجْرِ بعدَ صَلَاةِ الفَجْرِ، فقال: "ما هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ يا قَيْسُ؟ ". قلتُ: يا رسولَ اللهِ لم أَكُنْ صَلَّيْتُ رَكْعَتَىِ الفَجْرِ، فهما هَاتَانِ. رَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ، وأبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِىُّ (٢٨). وسُكوتُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدُلُّ على الجَوازِ، ولأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسَلَّمَ، قَضَى سُنَّةَ الظُّهْرِ بعدَ العَصْرِ، وهذه في مَعْناها، ولأنَّها صَلَاةٌ ذاتُ سَبَبٍ، فأشْبَهَتْ رَكْعَتَى الطَّوَافِ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا يَجُوزُ؛ لِعُمُومِ النَّهْىِ، ولما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَىِ الفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِما بَعْدَ مَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ". رواهُ التِّرْمِذِىُّ (٢٩)، وقال: لا نَعْرِفُه إلَّا مِن حديثِ عَمْرِو بنِ عاصمٍ. قال ابنُ الجَوْزِىِّ، رَحِمَه اللهُ: وهو ثِقَةٌ، أخْرَجَ عنه البُخَارِىُّ. وكان ابنُ عمرَ يَقْضِيهما من الضُّحَى، وحَدِيثُ قَيْسٍ مُرْسَلٌ، قالَه أحمدُ، والتِّرْمِذِىُّ، لأنَّه يَرْوِيه مُحَمَّدُ بنُ إبْرَاهِيمَ عن قَيْسٍ، ولم يَسْمَعْ منه، ورُوِىَ من طَرِيقِ يَحْيَى بن سَعِيدٍ عن جَدِّهِ (٣٠)، وهو مُرْسَلٌ أيضًا، ورَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (٣١)، قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ: إنِّي لم أَكُنْ رَكَعْتُ رَكْعَتَىِ الفَجْرِ. قال: "فَلَا، إذًا". وهذا يَحْتَمِلُ النَّهْىَ. وإذا كان الأمرُ هكذا كان تَأْخِيرُها إلى وَقْتِ الضُّحَى أحْسَنَ؛ لِنَخْرُجَ من الخِلَافِ، ولا نُخَالِفَ عُمَومَ الحَدِيثِ، وإن فَعَلَها فهو جائِزٌ؛ لأنَّ هذا الخبرَ لا يقصر عن الدَّلَالَةِ على الجَوَازِ. واللَّه أعلمُ.


(٢٨) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٤٤٧. وأبو داود، في: باب من فاتته متى يقضيها، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٩١، ٢٩٢. والترمذي، في: باب ما جاء في من تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، من كتاب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ٢١٥. وابن ماجه، في: باب ما جاء في من فاتته الركعتان. . . إلخ، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٦٥.
(٢٩) في: باب ما جاء في إعادتهما بعد طلوع الشمس، من كتاب المواقيت. عارضة الأحوذى ٢/ ٢١٦.
(٣٠) في سنن الترمذي: "عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن جده قيس".
(٣١) في: باب ما جاء في من تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>