للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا نَزَلَ بالمُسْلِمِينَ من هذا الكَافِرِ. يَعْنِى بَابَك (٤١). قال أبو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أحمدَ يُسْأَلُ عن القُنُوتِ في الفَجْرِ؟ فقال: لو قَنَتَ أيَّامًا مَعْلُوَمةً، ثم يَتْرُكُ، كما فَعَلَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لَوْ (٤٢) قَنَتَ على الخُرَّمِيَّةِ، لَوْ قَنَتَ على الرُّوم (٤٣). والخُرَّمِيَّةُ: هم أصْحَابُ بَابَك. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ؛ وذلك لما ذَكَرْنا مِن أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو على حَىٍّ من أحْيَاءِ العَرَبِ، ثم تَرَكَهُ. وأن عليًّا قَنَتَ، وقال: إنَّما اسْتَنْصَرْنَا على عَدُوِّنَا هذا. ولا يَقْنُتُ آحَادُ النَّاسِ. ويقولُ في قُنُوتِه نَحْوًا ممَّا قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابه (٤٤). وَرُوِى عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه كان يقولُ في القُنُوتِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ، والمُسْلِمِينَ والمُسْلِمَاتِ، وأَلِّفْ بين قُلُوبِهِمْ، وأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وانْصُرْهُم على عَدُوِّكَ وعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أهْلِ الكِتَابِ، الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، ويُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ خَالِفْ بين كَلِمَتِهِمْ، وزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وأَنْزِلْ بِهِمْ بأْسَكَ الذِى لا يُرَدُّ عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ (٤٥) ". ولا يَقْنُتُ في غيرِ الصُّبْحِ من الفَرائِض. قال عبدُ اللهِ، عن أَبِيه: كلُّ شَىْءٍ يَثْبُتُ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في القُنُوتِ إنَّما هو في الفَجْرِ، ولا يَقْنُتُ في الصَّلَاةِ الَّا في الوِتْرِ والغَدَاةِ، إذا كان مُسْتَنْصِرًا، يَدْعُو لِلْمُسْلِمِينَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَقْنُتُ في الفَجْرِ والمَغْرِبِ؛ لأنَّهما صَلَاتَا جَهْرٍ في طَرَفَىِ النَّهَارِ. وقيل: يَقْنُتُ في صَلَاةِ الجَهْرِ كُلِّها، قِيَاسًا


(٤١) كان ابتداء أمر بابك الخرمى سنة إحدى ومائتين، بالخروج على الدولة العباسية، وادعى أن روح جاويدان ابن سهل دخلت فيه وأخذ في العيث والفساد، وتفسير جاويدان الدائم الباقى. ومعنى خرم فرج، وهى مقالات المجوس، والرجل منهم ينكح أمه وأخته وابنته، ولهذا يسمونه دين الفرج، ويعتقدون مذهب التناسخ، وأن الأرواح تنقل من حيوان إلى آخر، وانتهى أمر بابك بأن قتل نفسه، بعد أن هزمه الأفشين. الكامل ٦/ ٣٢٨، ٥١٠، ٥١٥. وانظر فهرس الأعلام في الكامل.
(٤٢) في أ، م: "أو".
(٤٣) في أ، م: "الدوام" تحريف.
(٤٤) سقط من: الأصل.
(٤٥) أخرجه البيهقي، في: باب دعاء القنوت، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ٢/ ٢١٠، ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>