للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يَبْتَدِىءُ القَصْرَ إذا خَرَجَ من المَدِينَةِ (٣). قال أنَسٌ: صَلَّيْتُ مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الظُّهْرَ بالمَدِينَةِ أرْبَعًا، وبِذِى الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عليه (٤). فأمَّا أبو بَصْرَةَ فإنَّه لم يَأْكُلْ حتى دَفَعَ، وقولُه: لم يُجَاوِزِ البُيُوتَ: معناه - واللهُ أعلمُ - لم يَبْعُدْ منها؛ بِدَلِيلِ قولِ عُبَيْدٍ له: ألَسْتَ تَرَى البُيُوتَ؟ إذا ثَبَتَ هذا؛ فإنَّه يَجُوزُ له القَصْرُ وإن كان قَرِيبًا من البُيُوتِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ، أن لِلَّذِى يُرِيدُ السَّفَرَ أن يَقْصُرَ الصلاةَ إذا خَرَجَ من بُيُوتِ القَرْيَةِ التي يَخْرُجُ منها. وَرُوِىَ عن مُجَاهِدٍ، أنَّه قال: إذا خَرَجْتَ مُسَافِرًا فلا تَقْصُرِ الصَّلَاةَ يَوْمَكَ ذلك إلى اللَّيْلِ، وإذا رَجَعْتَ لَيْلًا فلا تَقْصُرْ لَيْلَتَكَ حتى تُصْبِحَ. ولنَا، قَوْلُ اللهِ تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}. وأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا خَرَجَ من المَدِينَةِ لم يَزِدْ على رَكْعَتَيْنِ حتى يَرْجِعَ إليها (٥). وحَدِيثُ أبى بَصْرَةَ، وقال عبدُ الرحمنِ الهَمْدَانِىّ (٦): خَرَجْنَا مع عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، مَخْرَجَه إلى صِفِّينَ، فرَأيْتُه يُصَلِّى (٧) رَكْعَتَيْنِ بين الجِسْرِ وقَنْطَرَةِ الكُوفَةِ (٨). وقال البُخَارِىُّ: خَرَجَ علىٌّ فقَصَرَ، وهو يَرَى البُيُوتَ، فلمَّا رَجَعَ قِيلَ له: هذه الكُوفَةُ.


(٣) أخرج نحوه البخاري، في: ترجمة باب يقصر إذا خرج من موضعه، من كتاب التقصير. صحيح البخاري ٢/ ٥٤.
(٤) تقدم في ١٠٤، ١٠٥، ١٠٨.
(٥) أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الوتر في السفر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٧٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٢٤. وانظر ما تقدم في صفحة ١٠٨.
(٦) في النسخ: "الهمذانى". وهو عبد الرحمن بن زيد أو يزيد الفايشى، همدانى. انظر اللباب، ومصنف عبد الرزاق، الموضع الآتى.
(٧) في أ، م: "صلى".
(٨) أخرجه عبد الرزاق، في: باب المسافر متى يقصر إذا خرج مسافرا، من كتاب صلاة المسافر. المصنف ٢/ ٥٣٠. وابن أبي شيبة، في: باب في مسيرة كم يقصر الصلاة, من كتاب الصلاة. المصنف ٢/ ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>