للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِقامةِ فيها، هي ما كان أكْثَرَ من إحْدَى وعِشْرِينَ صَلَاةً. رَوَاه الأثْرَمُ، والمرُّوذِىُّ، وغيرُهما. وعنه أنَّه إذا نَوَى إقامةَ أرْبَعةِ أيَّامٍ أتَمَّ، وإن نَوَى دُونَها قَصَرَ. وهذا قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأبي ثَوْرٍ؛ لأنَّ الثَّلاثَ حَدُّ القِلَّةِ، بدَلِيلِ قولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُقِيمُ المُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِه (١) ثَلَاثًا" (٢). ولمَّا أخْلَى عمرُ رَضِىَ اللهُ عنه، أهْلَ الذِّمَّةِ، ضَرَبَ لمن قَدِمَ منهم (٣) تَاجِرًا ثلاثًا (٤)، فدَلَّ على أنَّ الثَّلَاثَ في حُكْمِ السَّفَرِ، وما زَادَ في حُكْمِ الإِقَامَةِ. ورُوِىَ (٥) هذا القولُ عن عُثمانَ، رَضِىَ اللهُ عنه. وقال الثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: إن أقامَ خمسةَ عَشَرَ يَوْمًا مع اليَوْمِ الذي يَخْرُجُ فيه أتَمَّ، وإنْ نَوَى دُونَ ذلك قَصَرَ. وَرُوِى ذلك عن ابنِ عمرَ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، والليْثِ بن سَعْدٍ؛ لما رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، أنَّهما قالا: إذا قَدِمْتَ وفى نَفْسِكَ أن تُقِيمَ بها خمسَ عَشَرَةَ لَيْلَة فأكْمِلِ الصلاةَ. ولا يُعْرَفُ لهما (٦) مُخَالِفٌ. ورُوِىَ عن سَعِيد بن المُسَيَّبِ مثلُ هذا القَوْلِ. ورَوَى عنه قتادَةُ، قال: إذا أقَمْتَ أرْبَعًا فَصَلِّ أرْبَعًا، وَرُوِى عن عليٍّ، رَضِى اللهُ عنه، قال: يُتِمُّ الصلاةَ الذي يُقِيمُ عَشْرًا، ويَقْصُرُ الصلاةَ الذي يقولُ: أخْرُجُ اليومَ أخْرُجُ غدًا. شَهْرًا. وهذا قولُ محمدِ بن عليٍّ وابنِه، والحسنِ بن صَالِحٍ. وعن ابنِ عَبَّاسٍ قال: إذا قَدِمْتَ


(١) في أ، م: "منسكه".
(٢) أخرجه مسلم، في: باب جواز الإِقامة بمكة. . . إلخ، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٨٥. والترمذي، في: باب ما جاء أن يمكث المهاجر. . . . إلخ، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ١٧٤. والنسائي، في: باب المقام الذي يقصر بمثله الصلاة، من كتاب التقصير. المجتبى ٣/ ١٠٠. وابن ماجه، في: باب كم يقصر الصلاة إذا أقام ببلدة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٤١. والدارمى، في: باب في من أراد أن يقيم ببلدة كم يقيم حتى يقصر الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٥٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٣٩، ٥/ ٥٢.
(٣) في الأصل: "منها".
(٤) أخرجه البيهقي، في: باب من أجمع إقامة أربع أتم، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ٣/ ١٤٨.
(٥) في أ، م: "ويروى".
(٦) في أ، م: "لهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>