للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَطاءٌ، والنَّخَعِيُّ، وقَتَادَةُ، والثَّوْرِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وإسْحَاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا، إلَّا الحسنَ، قال: تُجْزِئُهم جَمِيعَهُم، خَطَبَ الإِمامُ أو لم يَخْطُبْ؛ لأنَّها صَلَاةُ عِيدٍ، فلم تُشْتَرَطْ لها الخُطْبَةُ، كصلَاةِ الأضْحَى. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. والذِّكْرُ هو الخُطْبَةُ، ولأنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما تَرَكَ الخُطْبَةَ لِلْجُمُعَةِ في حالٍ؛ وقد قال: "صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِى أُصَلِّى" (١). وعن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: قُصِرَتِ الصَّلَاةُ لأجْلِ الخُطْبَةِ (٢). وقولُ عائشةَ نحوٌ من هذا. وقال سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ: كانت الجُمُعَةُ أرْبَعًا فَجُعِلَت الخُطْبَةُ مَكانَ الرَّكْعَتَيْنِ. وقولُه: "خَطَبَهُم قَائِمًا". يَحْتَمِلُ أنه أرَادَ اشْتِراطَ القِيامِ في الخُطْبَةِ، وأنَّه متى خَطَبَ قَاعِدًا لغيرِ عُذْرٍ، لم تَصحَّ. ويَحْتَمِلُه كلامُ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن الخُطْبَةِ قَاعِدًا، أو يَقْعدُ في إحْدَى الخُطْبَتَيْنِ؟ فلم يُعْجِبْهُ، وقال: قال اللهُ تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (٣). وكان النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَخْطُبُ قَائِمًا. فقال له الهَيْثَمُ بن خَارِجَةَ (٤): كان عمرُ بن عبدِ العَزِيزِ يَجْلِسُ في خُطْبَتِه. فظَهَرَ منه إنْكَارٌ. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وقال القاضي: يُجْزِئُه الخُطْبَةُ قَاعِدًا. وقد نَصَّ عليه أحمدُ. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه ذِكْرٌ ليس من شَرْطِه الاسْتِقْبَالُ، فلم يَجِبْ له القِيَامُ كالأذانِ. وَوَجْهُ الأوَّل ما رَوَى ابنُ عُمَرَ، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وهو قائِمٌ، يَفْصِلُ بينهما بِجُلُوسٍ. مُتَّفَقٌ عليه (٥). وقال جَابِرُ بن سَمُرَةَ: إن


(١) سبق تخريجه، في ٢/ ١٥٧.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الرجل تفوته الخطبة، من كتاب الصلاة. المصنف ٢/ ١٢٨.
(٣) سورة الجمعة ١١.
(٤) أبو أحمد الهيثم بن خارجة الخراساني الأصل، روى عنه الإِمام أحمد، وسأل الهيثم الإِمام أحمد عن أشياء، توفى ببغداد سنة ثمان وعشرين ومائتين. طبقات الحنابلة ١/ ٣٩٤.
(٥) أخرجه البخاري، في: باب الخطبة قائما، وباب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح البخاري ٢/ ١٢، ١٤. ومسلم، في: باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة، من =

<<  <  ج: ص:  >  >>