للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْرَى" (١). ولأنَّهم أدْرَكُوا رَكْعَةً، فَصَحَّتْ لهم جُمُعَةً، كالمَسْبُوقينِ بِرَكْعَةٍ، ولأنَّ العَدَدَ شَرْطٌ يَخْتَصُّ الجُمُعَةَ، فلم يَفُتْ بِفَواتِه في رَكْعَةٍ، كما لو دَخَلَ وَقْتُ العَصْرِ وقد صَلَّوْا رَكْعَةً. وقال أبو حنيفةَ: إن انْفَضُّوا بعدَ ما صَلَّى رَكْعَةً بسَجْدَةٍ واحِدَةٍ، أتَمَّهَا جُمُعَةً؛ لأنَّهم أدْرَكُوا مُعْظَمَ الرَّكْعَةِ، فأَشْبَهَ ما لو أَدْرَكُوها بسَجْدَتَيْها. وقال إسحاقُ: إن بَقِىَ معه اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، أتَمَّها جُمُعَةً؛ لأنَّ أَصْحابَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- انْفَضُّوا عنه، فلم يَبْقَ معه إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا (٢)، فأَتَمَّها جُمُعَةً (٣). وقال الشَّافِعِىُّ، في أحَدِ أَقْوالِه: إن بَقِىَ معه اثْنَانِ، أتَمَّها جُمُعَةً. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ؛ لأنَّهم (٤) أقَلُّ الجَمْعِ. وحَكَى عنه أبو ثَوْرٍ: إنْ بَقِىَ معه واحِدٌ أتَمَّها جُمُعَةً؛ لأنَّ الاثْنَيْنِ جَمَاعَةٌ. ولَنا، أنَّهُم لم يُدْرِكُوا رَكْعَةً كامِلَةً بشُرُوطِ الجُمُعَةِ، فَأْشْبَهَ ما لو انْفَضَّ الجَمِيعُ قبلَ الرُّكُوعِ في الأُولَى. وقولُهُم: أدْرَكَ مُعْظَمَ الركَّعَةِ. يَبْطُلُ بمَن لم يَفُتْه من الرَّكْعَةِ إلَّا السَّجْدَتَانِ، فإنَّه قد (٥) أدْرَكَ مُعْظَمَها. وقولُ الشَّافِعِىِّ: بَقِىَ معه مَن تَنْعَقِدُ به الجَماعةُ. قُلْنا (٥): لا يَصِحُّ، لأنَّ هذا لا يَكْفِى في الابتِداءِ، فلا يَكْفِى في الدَّوامِ. إذا ثَبَتَ هذا فكُلّ مَوْضِعٍ قُلْنا لا يُتِمُّها جُمُعَةً. فَقِيَاسُ قولِ الْخِرَقِىِّ أنها تَبْطُلُ، ويَسْتَأْنِفُ ظُهْرًا، إلَّا أن يُمْكِنَهُم فِعْلُ الجُمُعَةِ مَرَّةً أُخْرَى، فيُعِيدُونَها. قال أبو بكرٍ: لا أعْلَمُ خِلافًا عن أحمدَ، إن لم يَتِمَّ العَدَدُ في الصلاةِ والخُطْبَة، أنَّهم يُعِيدُونَ الصلاةَ. وقِيَاسُ قولِ أبى إسحاقَ بن شَاقْلا أنَّهم يُتِمُّونَها ظُهْرًا. وهذا قولُ القاضي. وقال: قد نَصَّ عليها أحمدُ في الذي زُحِمَ عن أَفعَالِ الجُمُعَةِ حتى سَلَّمَ الإِمامُ، يُتِمُّها ظُهْرًا. وَوَجْهُ القَوْلَيْنِ قد تَقَدَّمَ (٦).


(١) تقدم في صفحة ١٨٤.
(٢) سقط من: الأصل، أ.
(٣) سقط من: أ.
(٤) في م: "لأنه".
(٥) سقط من: أ، م.
(٦) في صفحة ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>