للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (٣). وقد رَوَى أبو سعيدٍ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَتَعَوَّذُ قبلَ القِراءَةِ (٤). وإنَّما جَمَعَ بينهما في سائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لأنَّ القِرَاءَةَ تَلِى الاسْتِفْتاحَ من غير فاصِلٍ، فَلَزِمَ أن يَلِيَهُ ما يكونُ في أوَّلِها، بخِلافِ مَسْألَتِنَا، وأيًّا ما فَعَلَ كان جائِزًا. وإذا فَرَغَ من الاسْتِفْتاحِ حَمِدَ اللهَ وأثْنَى عليه، وصَلَّى على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم فَعَلَ هذا بين كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ، فإن قال ما ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ فحَسَنٌ؛ لأنَّه يَجْمَعُ ما ذكرْنَاه، وإن قال غيرَه نحوَ أن يقولَ: سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ لِلهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكْبَرُ. أو ما شاءَ من الذِّكْرِ، فَجائِزٌ (٥). وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ: يُكَبِّرُ مُتَوَالِيًا، لا ذِكْرَ بينَهَ، لأنَّه لو كان بينَه ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ لَنُقِلَ، كما نُقِلَ التَّكْبِيرُ، ولأنَّه ذِكْرٌ من جِنْسٍ مَسْنُونٍ، فكان مُتَوَالِيًا، كالتَّسْبِيحِ في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ. ولَنا، ما رَوَى عَلْقَمَةُ، أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ مسعودٍ، وأبا موسى، وحُذَيْفَةَ، خَرَجَ عليهم الوَلِيدُ بنُ عُقْبَةَ قبلَ العِيدِ يَوْمًا، فقال لهم: إنَّ هذا العِيدَ قد دَنَا، فكيف التَّكْبِيرُ فيه؟ فقال عبدُ اللهِ: تَبْدَأُ فتُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً تَفْتَتِحُ (٦) بها الصَّلَاةَ، وتَحْمَدُ رَبَّكَ، وتُصَلِّى على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم تَدْعُو وتُكَبِّرُ، وتَفْعَلُ مثلَ ذلك، ثم تَدْعُو وَتُكَبِّرُ، وتَفْعَلُ مثلَ ذلك، ثم تَدْعُو وتُكَبِّرُ، وتَفْعَلُ مثلَ ذلك، ثم تَدْعُو وتُكَبِّرُ، وتَفْعَلُ مثلَ ذلك، [ثم تَدْعُو وتُكَبِّرُ، وتَفْعَلُ مثلَ ذلك] (٧)، ثم تقرأ تُكَبِّرُ وَتَرْكَعُ، ثم تَقُومُ فتَقْرَأُ وتَحْمَدُ رَبَّكَ، وتُصَلِّى على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم تَدْعُو وتُكَبِّرُ وتَفْعَلُ مثلَ ذلك، ثم تُكَبِّرُ وتَفْعَلُ مثلَ ذلك، ثم تُكَبِّرُ وتَفْعَلُ مثلَ ذلك، ثم تَرْكَعُ.


(٣) سورة النحل ٩٨.
(٤) تقدم تخريجه في ٢/ ١٤٥.
(٥) في الأصل: "فحسن".
(٦) في أ، م: "تفتح".
(٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>